شخصيتان ترصدان الوحدة في بركة من الصمت

تعيش سلمى منذ سنوات في قرية جبلية نائية. حياتها هادئة ومستقرة في ظاهرها ولكن مستقلة وغير تقليدية في باطنها. لا ينقص سلمى شيء ولا تحتاج لأي رجل فهي تعيش سلاماً داخلياً؛ إنما عودة ابنتها الحامل إليها يقلب فضاءها الروتيني ويطلق العنان لفوضى كبيرة تجعل حياتها مستحيلة.

يختار المخرج باسم بريش في فيلمه الجديد "بركة العروس" ألا يروي قصصاً كبيرة ومعقدة، لا أحداث في الفيلم بشكل عام، إلا تلك المتعلّقة بمهمّة صعبة ستتشارك الأمّ وابنتها على إنجازها بالرغم من تعقيدات كبيرة، ليس أقلها معضلة الإجهاض، مما تسبب بجدل كبير في العرض الأول للفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي ضمن مسابقة "آفاق السينما العربية". بالرغم من ذلك فاز الفيلم بـثلاث جوائز، تمثلت في جائزة صلاح أبو سيف (لجنة التحكيم الخاصة) وأفضل أداء تمثيلي للممثلة كارول عبود، بالإضافة إلى تنويه خاص بمسابقة أفضل فيلم عربي. وقال بريش: "سعيد بحصول العمل على 3 جوائز بمهرجان القاهرة السينمائي، ولم نكن نتوقع تلك النتيجة، وأشعر بسعادة بالغة".

مما لا شك فيه أن غياب الحوار عن الفيلم ألقى على ممثلتيه الرئيسيتين مهمة صعبة لعكس ما لا يمكن قوله مع مشاهد طبيعية تخطف الأنظار

تدور أحداث الفيلم إذاً حول محاولة امرأتين بناءَ حياة من رُكام وعود الماضي، وتجاوز رواسب توقعات مكسورة، وثقل الأحلام التي لم تتحقق، فالفيلم يحاول رسم معالم الصلة التي كانت تربطهما ببعض يومًا ما، حيث تجاوزت الأم "سلمى"، تلعب دورها الممثلة كارول عبود، ماضيها من خلال هروبٍ أليم من الروابط التي كبّلتها، بما فيها رابط الأمومة بابنتها "ثريا" التي تلعب دورها أمية ملاعب.

يؤكد المخرج اللبناني باسم بريش، لموقع "القاهرة الإخبارية"، أن واقعية القصة كانت عاملًا كبيراً في تحمسه لفكرة فيلم "بركة العروس"، مشيرًا إلى أنه كان يعيش فترة طفولته مع والدته، ويرافقها في رحلاتها وزياراتها النسائية، ونتيجة هذه الزيارات المتعددة، كان يستمع إلى قصص نسائية عن الحب، الطلاق، والخيانة، لذا أراد العودة إلى هذه الفترة والإطلاع عليها كمخرج.

باسم بريش، وهو كاتب سيناريو ومخرج لبناني حائز على جائزة إيمي، ومنذ عام 2007، أخرج ثلاثة أفلام قصيرة هي "علعتبة" (2007) والذي عُرض لأول مرة في أسبوع النقاد في مهرجان كان، و"زيو" (2013) و"سايبة" (2014)، كما كتب بريش عدداً متنوعاً من المسلسلات والأفلام، ويُعتبر "بركة العروس" أول فيلم طويل له.

استغرقت عملية انتاج الفيلم 7 سنوات، بسبب تحديات وصعوبات كثيرة، غير أن كل هذا لم يثنِ المخرج عن الاستمرار والسعي، معتبرًا هذا العمل قصيدة من الصور الطويلة.

مما لا شك فيه أن غياب الحوار عن الفيلم ألقى على ممثلتيه الرئيسيتين مهمة صعبة لعكس ما لا يمكن قوله مع مشاهد طبيعية تخطف الأنظار. 

الفيلم السينمائي الطويل الأول لبريش يطمح لمخاطبة الجمهور من خلال الصورة والألوان حيث وحدها الطبيعة تكون ثابتة في مواجهة الصدمة الكبيرة التي تشغل بال سيدتين كجبلين وهما تحاولان التواصل رغم كل شيء إلى أن يلتقيا في بركة من الصمت!

يبدأ عرضه في الصالات اللبنانية الخميس ٥ تشرين الأول.