· 

بين القهوة والكابتشينو … وكوب الماء والأرمن


تُعتبر صناعة القهوة ثاني أضخم إنتاج عالمي بعد النفط، حيث يستهلك العالم يومياً أكثر من 1.6 مليار فنجان من القهوة ، وهي كمية تملأ نحو 300 مسبح أولمبي. وقد انتشرت القهوة في العالم بفضل الرحالة والتجار ، وانتقلت إلى اوروبا في العام 1645 حتى غدت مشروباً شعبياً مع ظهور أول مقهى أوروبي في البندقية ، بعدها دخلت القهوة إلى بريطانيا حيث كانت تباع في مقهى في لومبارد ثم افتتح مقهى رأس السلطانة، ومع حلول العام 1700 اصبح عدد المقاهي في بريطانيا حوالي 3500 منها 500 في لندن وحدها. وكانت تسمى جامعات البنس لأن الزبائن كانوا يستطيعون الاستماع إلى كبار المفكرين لقاء دفع بنس واحد ثمناً لكوب من القهوة ، وكانت المقاهي ملتقى التجار وأصحاب السفن ، وكان الناس فيها يبحثون عن الشؤون السياسية ومنها انطلقت الحركات الليبرالية .


أما قهوة الكابتشينو فهي اختراع كاهن كبوشي يدعى ماركو دفيانو من رهبان دير الكبوشيين الذين كانوا يحاربون العثمانيين عندما حاربوا فيينا في العام 1683 ، وفي أعقاب تراجعهم أخذ الأهالي يصنعون القهوة من أكياس البن التي خلفها الأتراك وراءهم. ولما كانت ثقيلة على مذاقهم فقد قاموا بمزجها بالكريمة والعسل، مما جعل لونها بنياً مثل لون لباس الرهبان الكبوشيون، فسماها أهالي فيينا وقتها "كابوتشينو"، تكريماً لرهبان ماركو دفيانو، ومنذئذ تُشرب الكابتشينو لمذاقها الخفيف الممتع وتجلب للناس شعوراً بالفخامة والنبل .


وفي التاريخ، وجدت أن الأرمن كانوا رواد تجارة القهوة في اوروبا اذ أن أول مقهى في فيينا كان اسمه "ديوداتو" كما أن الأرمني "باسكال روزيه" هو الذي أفتتح اول مقهى في لندن ومن ثم في باريس ، وكان للأرمن وقتها حصرية تجارة القهوة في النمسا نظراً للدور الذي لعبته الجالية الارمنية في فك الحصار  العثماني عنها. وللارمن الفضل الكبير بنشر ثقافة القهوة وزراعتها ، كما أن اكبر المدن التي زُرعَ فيها شجر البن في كولومبيا كانت تدعى "ارمينيا" ، ولست متأكداً اذا كانت عادة تقديم كأس المياه مع القهوة هي عادة ارمنية ايضاً لكي يتمكن المضيف من معرفة ما اذا كان الضيف قد تناول الطعام ام لا دون إحراجه بالسؤال ، فإذا شرب الضيف الماء أولاً يعني أنه لم يتناول الغداء والمعدة خاوية، وإذا شرب القهوة مباشرة يعني أنه تناول الطعام .

بحث نقولا أبو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0