· 

بين العفة في الطعام والشراب وقليل من الخمر


بين مقولة قديمة سمعتها في الصغر تقول "أطباق كثيرة أمراض كثيرة" وبين قصة طبيب فرنسي كان مشهوراً جداً يحكى عنه انه خلال زيارة مرضاه الأغنياء في بيوتهم، كان له عادة زيارة المطبخ أيضاً لالقاء التحية على الطباخ والقول له : “نحن الأطباء ممتنون لكم  فأكثرنا كان سيموت من الجوع من دون مهنتكم الرائعة“. 

إنَّ الشراهة في الاكل تدمر النفس والجسد معاً وتجلب الأمراض وبأسناننا نحفر حفرة الموت ، وما ينقصنا هو السيطرة والتحكّم على الذات بسبب غياب  العفة والتقشف عن حياتنا … 


في المسيحيّة العفّة في الطعام ليست قانوناً صحيّاً بل قانوناً في الحياة الروحية فالعفّة في الطعام تفيد النفس ،ولهذا نظَّمت الكنيسة فترة الصوم لتدريب النفس على العفة وجعل قوّتها جبّارة لكبح كل هجمات الجسد ، يقول القدّيس غريغوريوس اللاهوتي “إنّ شرور وعيوب الجسد كافية، ومن الصعب السيطرة عليها. فالشعلة تحتاج إلى حطب أكثر ليبقى مشتعلة والوحش الضاري يطلب المزيد والمزيد من الطعام“.على أن خيرات الأرض التي أعطانا إياها الله هي للتمتع بها ضمن حدود المنطق، لا أن تكون غير مضبوطة وعلينا عدم الالتصاق بالخيرات الأرضية لئلا تصبح بمثابة الجلّاد لنا ،لذلك يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم“إذا لم يمتنع المرء عن التلذذ وأكل اللحم مساءً، فالخطيئة ستتجذّرحيث هوى الشراهة والنهم خطيئة عظمى.


وماذا عن العفّة في شرب الخمر ؟الإنسان المسيحي الممتلئ من الروح القدس هو إنسان عفيف ولا يجعل من بطنه خزاناً للخمر ولن يصل إلى حالة البؤس التي يعيشها الإنسان السّكير ، فهو يعرف كيف يضبط عدم الافراط في شرب الخمر ، يقول القدّيس باسيليوس الكبير "الاعتدال في شرب الخمر أمرٌ ممتاز يتوافق مع حاجة الجسد فالذين يعملون أعمالاً متعبة ويجتهدون فكرياً يقوي الخمر أجسادهم وعقولهم " كذلك فعل بولس الرسول حين نصح تلميذه تيموثاوس بشرب القليل من الخمر ليساعده في أمراضه الكثيرة “لا تكن في ما بعد شرَّاب ماء بل استعمل خمراً قليلاً من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة” (1 تيمو23:5). بدوره داوود النبي يقول “وخمر تفرّح قلب الإنسان” (مز15:104) ويقول سليمان الحكيم “الخمر يفرّح الأحياء”(جامعة 19:10)كذلك  الرب يسوع المسيح حوّل الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل فلو كان الخمر ممنوعاً لماذا صنع يسوع هذه المعجزة؟

بحث نقولا ابو فيصل ✍️