· 

بين الوطنية وارتباطها بالبقاء في الوطن

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء 6
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء 6

غير صحيح أنّ الذين هاجروا من لبنان لا يملكون الاحساس بالمواطنية ‏، وأنا العليم الاكيد عن قرب أن لبنان في قلوبهم وعقولهم وموائدهم وسهراتهم وفي مساندة الفقراء فيه من خلال جمعياتهم الاجتماعية والخيرية والتي تعود عائداتها بالكامل لصالح جمعيات شقيقة لهم في الوطن تعنى بأعمال الرحمة الالهية . ورب سائل يسأل ماذا أستفاد ⁧‫لبنان‬⁩ من المغتربين؟وله أقول : لطالما وَقف لبنان على رجليه بعد كل نكسة من أموال أبنائه المغترّبين من كل الطوائف ومن كل المناطق ، وهذه الغوغائيّة والجهل والظّلم التي يُنظر من خلالها الى المغترب هي من عقلية التخلف والإدّعاء لدى الكثير من اللبنانيين الذين يظنّون انّ المُغترب اللبناني هو منجم ذهب في الإغتراب وبأنّ المال يأتيه بسهولة او يقطفه عن الشّجر في أدغال افريقيا أو يجده مرمياً في شوارع أوروبا وكندا وأميركا وأستراليا!


والمغترب اللبناني أينما ذهب هو مكسر عصا ، لان دولة لم تحمِ شعبها في أرضه من  ناهبي اموالهم ، فكيف لها أن تلعب دور الرائد في بلاد الاغتراب ،  فضلاً عن جرائم القتل التي نسمع عنها بحق مغتربين من وقت لآخر ، وللعلم فأن أكثر من نصف الودائع الّتي تبخّرت في المصارف اللبنانية هي للمغتربين ، وبعضها كانت تعتاش منها مئات العائلات اللبنانية التي أودعت جنى عمرها لدى حزب المصارف بعد قضاء نصف عمرهم خارج الوطن ! هل شعر أحدٌ بهؤلاء الذين ضاع جنى عمرهم ؟وفي العلم والمعرفة هل لديكم فكرة كم من طبيب أو مهندس أو باحث او مُفكر مغترب نجح في مجاله وأفاد لبنان بالمباشر وغير المباشر بما تيسّر له؟ وهم بالتأكيد جاهزون ويُريدون أن ينفعوا البلد ولكنهم لا يستطيعون بسبب منظومة الفساد القابضة بإحكام على البلد! وهل من يجيبني ماذا فعل لبنان المقيم لكيّ يستقطب أصحاب العقول في الاغتراب ويشجّعهم على العودة؟


وفي السياسة لسان حال المغترب اللبناني: "إبعِد عن الشرّ وغنّي له" ومن جديد أسأل متى يصبح لبنان بلداً منظّماً وديمقراطياً ، سياسته الخارجية نظيفة وواضحة لا يشوبها شيءً من الانبطاح ، وسياسته الداخلية تقوم على المساواة امام القانون ، حتّى اذا اراد مغترب مُثقّف ومُتعلَّم ونظيف الكفّ أن يدخل السياسة لأجل تطوير بلده، فهل يستطيع فعل ذلك بسهولة ومن دون عوائق . وللامانة بأسمي وبأسم كل صناعي شريف في هذا الوطن أقول للمغتربين إننا نُقدّر وقوفكم الى جانب لبنان في أزماته المتتالية وأخرها في زمن جائحة الكورونا وفي زمن الانهيار المالي والاقتصادي ، وكم كان تشجيعكم للمنتجات اللبنانية المصدرة الى دول انتشاركم مهمًا لنا . وسوف أظل أكتب عن لبنان لنتخلص يوماً من همومه ومصائبه وسبل الخروج من النفق المظلم ، ولا يسعني الا ان أقول للاغتراب اللبناني إن مساندتكم للبنان المقيم هو دين علينا نحمله على ظهورنا ، وباتت الانسانية هي هويتكم الجديدة بالاضافة الى الجنسيات الاخرى التي تحملونها مع الهوية اللبنانية! شكراً لكم . 

(الصورة من الارشيف)

نقولا أبو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0