· 

بين ثقافة الفقر وثقافة التبعية، حاكمك وربك

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء 6
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء 6

ربما يجب أن نعيد النظر بتعريف كلمة ثقافة مع قناعتي التامة أنه إن لم يكن هدفها الخير والاخلاق فهي ساقطة حكمًا من القاموس ، ولا يجب اطلاق تسمية مثقف على الاشخاص الذين يصفقون لظالم ومستبد ! أقول هذا الكلام لانه بدأ يلفت نظري بشكل خاص مع تعاظم اعمال الغرب في دك أعمدة الانظمة السياسية القائمة في المنطقة العربية وما بات يعانيه الغالبية العظمى لشعوب هذه الدول في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين من فقر وتعاسة ومهانة في تحصيل قوتهم اليومي بشكل مخجل وباتت حياتهم جحيماً لا تشبه حياة اخوتهم في باقي الدول العربية الاخرى الذين ينعمون بالامن والامان والحماية والحمدلله….!


أن ما أحاول القيام به من خلال هذا البحث المقتضب هو تسليط الضوء على مأساة القرن العشرين التي تعيشها شعوب عربية يقهرها حكامها والمجتمع الدولي رغم فتات المساعدات التي يدّعون ارسالها لهم، وهي لا تطال الا النازح السوري على الاراضي اللبنانية وكلنا يعرف اسباب مساندتهم له والدور الذي ينتظر هؤلاء النازحين الذين ينتظرون ساعة الصفر ،ولا يهمني البحث في الموضوع السياسي والمحاور الاقليمية والدولية "من مع من ومن ضد من "فالبحث محصور  بالمعاناة الانسانية للشعوب ، نبدأ من راتب الموظف في هذه الدول وهو الادنى في العالم وقد تدنى دون الماية دولار شهرياً بعد ان كان يعد الحصوة التي تسند الخابية، وبات المواطن في هذه الدول يعاني خطراً وجودياً مُخزياً للغاية يهدر أيامه في إنتظار الحصول على ربطة خبز وسط الطوابير ويهدر ايامه على ابواب الجمعيات الخيرية بانتظار الحصول على كرتونة مواد غذائية لإطعام عائلته في بلاد ينتشر فيها سوء التغذية وفساد التعليم والطبابة .


وفيما ينتظر المواطن المولود في هذه الدول التي حلت عليها لعنة الغرب الفرج من الله، وكلنا يعلم انه ينتمي الى شعب جبار في تحمل الظلم والمهانة ولا يستطيع أن يعترض أو يجاهر بالحق لأن الأجهزة الأمنية متربصة بالمرصاد وهذا الانحطاط في ثقافة الفقر تليه ثقافة التبعية وصولاً الى ثقافات جديدة غير مألوفة لاهل هذه المنطقة  . لكن وكما يقال سوف "يذوب الثلج ويبان المرج." ولا أحد يستطيع أن يخضع  الشعب الفقير المظلوم ،وما تبرير صمته الا الخوف على أولاده وعلى نفسه كمعيل لهم. لكن هذا الشعب ومهما تم وصفه بالقطيع ، تبقى كرامته غالية جداً ، وهو لا يزال يملك التمييز بين الحق والباطل، وإذا كانت العبارة الأكثر تداولاً بين هذه الشعوب هي "حسبي الله ونعم الوكيل وخلونا هلق ساكتين " ففي ذات فجر قريب سوف تصدح الحناجر بالحق ويزول صمت الشعوب عن الظلم الذي طال كثيراً.

نقولا أبو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0