· 

بين الابتعاد عن البشر والابتعاد عن الله …وتغّير الأطباع

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء 6
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء 6

ليس كل من أعتزل معاشرة الناس انطوائياً فربما لم يعد يحتمل النفاق والمثالية الزائدة أو مجاراة الأخرين ،ومن وجهة نظر المعتزل فأن العزلة هي الوطن الذي تلجأ إليه الأرواح المتعبة ، والبعد عن البشر في أحيانٍ كثيرة لا يعني كرهاً للاخرين أو تبدلاً في المواقف، بل هو راحة نفسية لكل روح متعبة وهو رحمة من الله يدركها الجميع مع الوقت ، حتى أن بعض أخطاء الناس هي بداية ظهورهم على حقيقتهم تدريجياً ، وهذه الاشارات تجعل الشخص المعتزل يصيب في إتخاذ خيار الاعتزال !وشخصياً في كل مرة كنت أحاول الإندماج مع هؤلاء التافهين كنت أشعر بأن هناك فجوة تحول بيني وبينهم، تدفعني للرجوع إلى الوراء والعودة إلى نفسي.


وفي البعد عن الله غربة تجعل حياة الانسان مضطربة ولا توفيق في قرارته ولا تستجاب طلباته , وكل ما يقوم به لا يأتي بالنجاح, ولا يدري اذا كان هذا إبتلاءً أم عقاباً من الله ؟ فكيف يعرف الانسان أن الله راضٍ عنه ؟ وماذا يفعل ليرضيه؟  في المسيحية رضى الله بأن نفعل مشيئته، كما ورد في المزمور (40: 6-8) الذي تعلَّم فيه داوود أن الله لا يُسرُّ بتقديم الذبائح الحيوانية، بل" أن أفعل مشيئتك يا الله سُررتُ"(1: 13) الذين ولدوا ليس من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الله ( يو 4: 34) قال لهم يسوع: طعامي أن اعمل مشيئة الذي ارسلني واتمم عمله. (يو 5: 30) انا لا اقدر أن أفعل من نفسي شيئاً. كما اسمع أدين، ودينونتي عادلة، لاني لا اطلب مشيئتي بل مشيئة الاب الذي ارسلني.


يقول  الإمام علي بن أبي طالب : " يأتي على الناس زمان لا يقرب فيه إلا الماحل ولا يُستظرف فيه إلا الفاجر ولا يضعف فيه إلا المنصف …." وفي التجربة اللبنانية الحالية  يبدو واضحاً اننا نعيش هذا الزمن ونحن في مرحلة الاحتضار والحمدلله ، لا دراية لنا بالمخاطر المحدقة بوطننا ولا ادراك عندنا للفرص المتاحة للنهوض ، وعلينا الاستعانة بالصبر والصلاة "إن الله مع الصابرين" . حتى أنك عندما ترى مئات الآلاف من اللبنانيين يتابعون شخصية تافهة على مواقع التواصل الاجتماعي وتراه يستخف بهم ، ومع ذلك يستمرون بالتفاعل معه ، تدرك يقيناً لماذا أتباع الدجال كثر ! وعلينا توخي الحذر بعدم خوض معارك وهمية مع هكذا اشخاص تافهين لانها  تعطل حياتنا وتخرب عقولنا ، وعلى قول المثل اللبناني : "الرمح غالي والفريسة ذبابة !"وأذا كنت لا أندم يوماً على صراحتي مع الآخرين فذلك لأن العيش بوجهين أمر مقرف ، ولأنني تعلمت أيضاً عدم أطلاق مُسمَّى صديق على كُلِّ عابر طريق يمر في حياتي حتى لا أكتب يوماً الأصدقاء يتغيرون!

نقولا أبو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0