· 

بين أمس مأزوم وغدٍ مجهول، حاضرٌ يترنح

لن يصل الانسان الى قمة الهرم الا بعد مروره في جميع مراحل التغيير في الحياة يتخللها الإرهاق والتعب والخوف والتردد والعثرات والسقوط والخيبات ، يليها الارق في النوم والتفكير والعصف الذهني حتى الوصول للأهداف التي لا يتم تحقيقها الا بعد تذوق كأس المر والمعاناة . وفي لبنان يرافق الارق والارهاق المواطنين في حياتهم ، بل صار خبزهم اليومي المبلل بالذل ، يترافق ذلك مع الخيبات والخذلان من أهل سلطة لا يعرفون الله ،ويعود سبب تفشي الامراض التي تفتك بالمواطن اللبناني بمعظمها الى التوتر والقلق على المصير والزعل والقهر حسبما يقر الاطباء .


في لبنان ننتقل من بصيص أمل بحدوث تغيير في المنظومة الحاكمة لنصل الى خيبة أمل كاملة ومنها الى إحباط ، ثم الى فرح بأمل جديد ، ثم الى إنهيار"وتخبزوا بالافراح" ورغم خيبات اﻷمل والإخفاقات يحاول اللبنانيون مواصلة حياتهم رغم أن ذلك ليس بالأمر السهل ، ومن الصعب عليهم تقّبل فكرة ضياع مستقبل الشباب في ما ليس ذنبهم! وتبقى خيبات الأمل بالديمقراطية في لبنان تلاحق شعبه ، وهو على أهبة الاستعداد للقبول بالعودة لخرافة المستبدّ العادل، والدليل كثرة المتحسرين على عهود الاستبداد التي كانت تضمن على الاقل الاستقرار ولو في ظل الفساد والاستعباد ، واذا كان الوقت لا يتوقف عندما تتعطل الساعة ، فأن الحياة لا تتوقف بفعل خيبات الأمل، ولتفادي هذه المصائب التي تستنسخ نفسها في كل مرة في لبنان وفقَ وتيرة تناسل مآسي شعب بائس و يائس، يبدو أنه من الجّيد استمرار الشباب اللبناني بالهجرة الى الخارج لضمان مستقبلهم ضمن مقولة "سافر ما تهاجر".


 ومن وجهة نظري فأن المآسي المتناسلة لهذا الشعب سوف تلد المزيد من البؤس والشقاء. ويزداد الفقراء فقراً والتعساء تعاسة ، واذا كان شعب لبنان قد تلقى ما يكفي من خيبات الأمل من الرهان على مواقف الدول حيال سيادة أرضه وإنتظام العمل الديموقراطي فيه لنستنتج لاحقاً أن الحق قد شطب من قاموس السياسة الخارجية للدول الفاعلة ولم يبقَ سوى "المصلحة" نعم هذا واقعنا في لبنان، على أن الحالة الداهمة للأزمة الإقتصادية تنال منا ليس فقط في أوضاعنا المعيشية ولكن في إستقرارنا المجتمعي أيضاً لتهدد إستمرارية المجتمع اللبناني برمته، بمكوناته وطاقاته البشرية، بهويته ووجوده. الهجرة الجارفة تستنزف ما تبقى من الشباب، الكل يتفرج على إنهيار الإقتصاد وتلاشي المجتمع دون أي رؤية سياسية ، إقتصادية وإجتماعية تُطرح كأساس لعمل تنموي ، ورغم ذلك ، فالامل موجود والقيامة قريبة جداً. قولوا انشالله!


نقولا ابو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0