· 

بين غفران الله وتكفير البشر وربكم الأرضي

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء 6
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء 6

يعود أصل كلمة غفران الى اللغة العبرية وهي مشتقة من ثلاثة كلمات أولها: "كفر" ومعناها "الكفَّارة"والستر، وثانيها: "نسا" ومعناها "يرفع" أو "يبعد"، فهو يشير إلى رفع الخطية عن الخاطئ ، وثالثها: "سَلَح" ومعناها الصفح ، والكلمتان الأولى والثالثة تستخدمان دائمًا في الإشارة إلى غفران الله، أما الكلمة الثانية "نسا" تستخدم في حالة غفران الإنسان. والغفران هو من صفات الله المقدسة ولا غفران إلا به (مز 130: 4). وهو عطية الله للمؤمن بواسطة كفارة المسيح عن بني البشر (عب 9: 9- 28). وواجب الإنسان أن يطلب الغفران بإيمان ونية صادقة، وأن يبشر الآخرين به، وما غفران المؤمن لأخيه الإنسان إلا غفران بأسم الله لأنه موجود مع المؤمنين في كل أعمالهم إذا كانت أعمالهم صادرة عن إيمانهم. وعلى هذا الأساس طلب الله من المؤمنين أن يغفروا لإخوتهم المسيئين إليهم، لأنهم إن غفروا للناس زلاتهم يغفر لهم أبوهم السماوي أخطاءهم، ولا يغفر الله تلك الأخطاء ما لم يغفر الناس بعضهم لبعض(متى 6: 15)


وكلمة (غفر) ومشتقاتها وردت في القرآن الكريم 233. مرة وفي 129 موضعٍ بصيغة الاسم :إن الله غفور رحيم (سورة البقرة:173) والغفور اسم من أسماء الله الحسنى ، وقد وردت كلمة (الغفور) في القرآن الكريم في 71 موقعٍ  ، وفي الاسلام فأن الإكثار من الصلاة فيه غفران للزلات وتكفير للذنوب والسيئات واستجابة للدعوات وقضاء للحاجات وأيقاظ لمشاعر الرحمة والألفة في قلوب البشر وحلول الخيرات، كما ان رضا الله هو نعمة لصاحبه وينجيه من الشرور . وتكفير البشر من بعض المسيحيين وبعض المسلمين لابناء جنسهم هو بأطلاق التكفير عليهم مجرد مخالفتهم بعضهم في الفكر والمعتقد ولهؤلاء الناس الذين يحملون على عاتقهم تكفير البشر على شاشات التلفزة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أقول : مَن انتم لتحكموا من هو المؤمن ؟ ومن هو الكافر ؟ وانتم لا تعلمون إن كانت صلاتكم مقبولة ام لا؟ ولا تدرون إن كان الله راضياً ام ساخطاً عليكم؟وإنّ كنتم لا تحترمون افكار اخوتكم في الانسانية فعليكم اعادة قراءة الانجيل والقرآن مجدداً !


واذا كان بعض البشر يعتبرون أنفسهم "شعب الله المختار" وباقي البشر مجرد كمية وعدد ! فأن التاريخ حافل بالمحرضين على القتل لكل من يخالفهم الرأي ، وبعضهم أباح دماء البشر في 73 حالة ، لو طبق منها ثلاث لقتل نصف البشرية ! والمشكلة بين البشر ليست في الرد النظري العقائدي فالجدل والرد متاحان ، لكن المشكلة في تكفير بعضنا بعضاً ، فعندما تجد اليهود يطعنون في كتب ابن تيمية فذلك بسبب كتاب “قواعد ابن تيمية في الرد على اليهودية”  وعندما تجد الشيعة يطعنون في كتبه فذلك بسبب كتاب " منهاج السنة للرد على الشيعة" وعندما تجد المسيحيين يطعنون في كتبه ايضاً فذلك بسبب كتاب "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" وهكذا قضى كثيرون اعمارهم وهم يكفرون غيرهم ، وفي الاخير يا ليتهم رحلوا ورحلت افكارهم معهم! انما الواقع انهم رحلوا وتركوا لنا افكارهم.

نقولا ابو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0