· 

بين برص الاجساد وبرص النفوس … أرحمنا يا الله

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء 5
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء 5

في بداية التعارف بين شخصين يحاول كل منهما الظهور امام الاخر في أجمل صورة ويبذل كل جهده لاخفاء عيوبه وهذا أمر متعب جداً ومصطنع ، ومن وجهة نظري يتوجب علينا تقبل بعضنا بعضاً كما نحن ، وإن كان فينا عيوب فتغييرها الى الافضل يكون بإظهارها وليس بإخفائها ، واذا كانت البدانة من الامراض التي تؤتر على الحياة الاجتماعية وعلى الصحة النفسية للانسان فأن الامراض الجلدية ومنها البرص تزيدها تعقيداً ، كذلك تزيد من تكاليف المعيشة لدى هؤلاء المرضى ، وهي مشاكل حقيقية قد تؤدي الى تدمير حياتهم . والحب بدوره عندما يتخطى شهوة الجسد بين شخصين فأنه يخلق عشقاً من نوع آخر ، وإذا كنا نرغب في تغيير ظروفنا أو تغيير افكارنا لنعيش حياة افضل علينا أن لا نلتفت لغيرنا ولا ننبهر بحياتهم مهما كانت جميلة فلا أحد يعيش حياة كاملة حتى في أقصى الفرح تنهمر دموعنا فالاعمار تصنع التجاعيد في وجوهنا وتخفي ملامحنا الجميلة عن عيون الناس ، ولا يبقى لنا معهم سوى اعمالنا فهي الجمال الحقيقي التي لا يزول مهما كِبرنا.


‎وفي جولة على انواع البرص وجدت منه انواعاً عديدة :  منه البرص السياسي وهو الاخطر على الهويّة اللبنانيّة والكيان ، يليه البرص الجسدي والبرص النفسي ، ويأتي البرص الجسدي الذي ينتج عادة عن اضطراب في جهاز المناعة للاشخاص ، وربما نتيجة الاجهاد او ينتج عن حروق الشمس الحادة أو تعرض الجلد لصدمة مثل ملامسة مادة كيميائية . وذكر البرص في الكتاب المقدس في قصة الابرص المحكوم عليه من شريعة موسى أن يعيش في البرّية، بعيدًا عن الناس لكي لا يلمسه أحد ولا ينقل العدوى اليه من جسمه الذي تتآكله القروح وتشوّهه ، والذي تجاسر وتجاوز الشريعة، وأتى إلى يسوع ، وجثا أمامه وسأله بكل تواضع وإيمان: «إذا شئتَ، فأنت قادرٌ أن تطهّرني» (مر 1: 40). فلمسه يسوع متحدّيًا هو ايضاً الشريعة وقال له: "لقد شئتُ، فاطهر! فزال برصه للحال (مر 1: 40).


‎ وفيما يزداد البرص النفسي عند بعض العلمانين ورجال الدين في لبنان ، كما أنه بات ينتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويتجلى في بث الكراهية والاحقاد بشكل مبرمج ، وبات ابناء الله يسألون ابناء الشيطان عن سبب كراهيتهم لهم وللقيم التي يمثلونها وبات التساؤل مشروعاً لماذا يسوّقون ما هو بعيد عن عاداتنا وقيمنا وخاصة "مباركة الشاذين " وهو مُدان في كنيستنا الشرقية المحافظة . وقد اتى الكتاب المقدس على ذكر برص الجسد والنفس حين جاء عشرة رجال سامريون برص طالبين الشفاء من يسوع الذي فعل ذلك وشفاهم ، لكن سامرياً واحداً عاد ليشكره، وهو الوحيد الذي نال شفاء الجسد وصحّة النفس ، أمّا الآخرون فاكتفوا بشفاء الجسد وتجاهلوا صحّة النفس . وقد يكون شكسبير محقاً حين قال "كل يوم تزداد قناعتي أن البشر  هم أجمل من بعيد". 

نقولا ابو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0