· 

بين الخوف من الظلام … والخوف من المستقبل

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء 5
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء 5

 

من الملاحظ ان العديد من اللبنانيين ليس لديهم غير التشاؤم بحكامهم والخوف من المستقبل ويتساءلون في مجالسهم الخاصة كيف لهم أن يثقوا بالتاريخ اذا كان الحاضر يُزور أمامهم؟ ومن وجهة نظري فأنهم على حق ، لكن المبالغة في الخوف من المستقبل قبل أوانه غير مبررة ، خاصة اذا كان البعض منهم يتركون العنان لتفكيرهم السلبي في أمور يخشونها، وكأنها آتية لامحالة ! وبالاخص لمن هم من اصحاب الطبيعة التشاؤمية وهاجسهم الخوف من المستقبل، أو المرض، أو الفقر، فمثل هؤلاء يفقدون الإحساس بطعم الحياة والاستمتاع بما يملكون ! ويظهر  جالياً كيف يغلّب الجانب التشاؤمي على غالبية اللبنانيين ويسيطر على تفكيرهم. 

 

‎واذا كان الانسان عندما يتقدم في العمر يكتشف أن هناك أموراً تخيفه أكثر من الظلام ، فهذا طبيعي خاصة أن الخوف مما سيأتي والحزن على ما فات هما من طبيعة البشر عادة ، إنما يتفاوت الهوس عندهم تبعاً للتقلبات السياسية والاجتماعية في اماكن تواجدهم في العالم خاصة اذا كانوا يعيشون في مناطق توتر دائمة ولبنان منها ، وشر ما تبتلى به النفس أن تعيش في قلق وتصاب بما يسميه علماء النفس عقدة الخوف من المستقبل . ومن ثم تأتى ثمرة الإيمان بالقضاء والقدر :قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " واذا كان المواطن اهم واغلى ما تملك الحكومات في لبنان وبمثابة "البقرة الحلوب  لذا يتوجب عليها الاستثمار بتوفير الامن والامان له والعمل على انهاء موضوع النزوح غير الشرعي في لبنان وعودة النازحين السوريين الى بلادهم ، وخلق فرص عمل لمواطنيها ولائحة الاصلاح المالي والاداري طويلة وينتظر الحكومات القادمة سنوات طويلة من العمل لردم الهوة بين المواطن والدولة حيث لا ثقة حالياً على كل الصعد.

 

واذا كانت دائرة الهجرة الكندية قد ارسلت تعليمات لمئات الألاف من اللبنانيين على مدى ثلاثين عاماً بحزم حياتهم في لبنان داخل حقيبة واحدة تزن 20 كيلوغرامًا في رحلة ذهاب إلى كندا(One way ticket ) فأن المهمة لم تكن سهلة عليهم بل شبه مستحيلة ، مما أجبرهم على ترك ذكريات عزيزة نشأت معهم منذ طفولتهم ، ومع ذلك حملوا معهم عبء الخوف والقلق من المستقبل المجهول وذكريات الحرب القاتمة وخسائرها وغيرها من المشاعر التي أثقلت كواهلهم أكثر من الحقيبة. واذا كانت الحكومة الكندية قد منحت هؤلاء الشعور بالأمان الذي لطالما بحثوا عنه في بلدهم الام ، فاليوم اصبح  هؤلاء يؤمنون أكثر من أي وقت مضى بأن ما فقدوه في لبنان جعلهم يكتسبون في كندا المزيد من الثقة والإيمان بالنفس والعزيمة والقوة .

نقولا ابو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0