· 

معركة أفاراير وقائد الجيش الذي صار قديساً


قديماً كانت أرمينيا مقسومة إلى قسمين، قسم شرقيّ تحت السيطرة الفارسيّة وقسم غربيّ تحت السيطرة البيزنطيّة ،وقد حاول الفرس مراراً فرض سيطرتهم وديانتهم الزرادشتيّة على الشعب الأرمنيّ، ولكن كما نعلم جمعينا فأن هذا الشعب كان ولا يزال يرضع القوميّة والتّمسّك بالأرض منذ طفولته عوضًا عن التخلّي عنها، وفي العام 451 خاض قائد الجيش الارمني انذاك فارتان ماميكونيان معركة آفاراير ضد الفرس الذين حاولوا مراراً القضاء على الاستقلال الداخلي للارمن وتحويلهم عن المسيحية وفرض الوثنية عليهم، وصهر القومية الارمنية التي ظهرت إلى الوجود بعد اختراع الابجدية الارمنية ، وبسبب مقاومة الارمن اضطر ملك الفرس في العام 484 للاعلان عن حرية الدين المسيحي في أرمينيا 


خاض الارمن  معركة " أفاراير" والتي يُطلق عليها أسم جبهة "فارطانّاتس"تخليدًا لإسم قائد الجبهة فارتان ماميكونيان، والتي وقعت في حقل أفاراير قرب نهر دغمود بقوات غير متكافئة، فالجيش الأرمنيّ كان لا يُعادل ثلث الجيش الفارسي ، وانتهت المعركة بخسارة الأرمن، وقدّموا شهداءً لأجل الدين والوطن ، وحسب المعلومات تناول الجيش الأرمني المكون من 66 الف رجل العشاء الأخير معًا، وكان الجيش في معظمه من المشاة المتحمسين وعديمي الخبرة الحربية، يترأسهم فرسان وجهاء ذوو خبرة شاركوا في حروب الروم والفرس ويفترض أن الجيش الفارسي كان أكبر بثلاث مرات،  وتحولت الحرب فيما بعد بين الارمن والفرس الى حرب أهلية داخلية حيث حارب بعض الوجهاء بقيادة سوني (Vasag Suni ) إلى جانب الدولة الساسانية .


نعم هكذا كان رد الأرمن الذين فضلّوا الموت على أن يعيشوا حياتهم بعيداً عن معتقداتهم وتقاليدهم ، ولم يرضخوا لمطالب الفرس  وفي الحصيلة خسر الارمن كالعادة وقتل البطل  ماميكونيان حفيد الكاثوليكوس إسحاق وثمانية من قادة جيشه واستشهد معهم 1036 جندي ، وبحق فأن هذا البطل لم يقاتل لمغنم يغنمه ولا لأرض يحتلها ولا لاستعباد شعب آخر أو ليكرس نفسه إمبراطوراً لذا سوف تبقى ذكراه وذكرى هؤلاء الابطال خالدة ، ولهذا تُحيي الكنيسة الأرمنية عيد القديس فارطان  كل سنة في يوم الخميس السابق للصوم الكبير لكي يمارس الشعب الأرمني الصوم بإرادة صلبة وصمود متمسكًا بدّينه وأرضه مثال القديس فارتان ورفاقه .

بحث نقولا ابو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0