· 

الخاتشكار الارمني رمزٌ لجلجلة الأرمن


حجر الخاتشكار (بالأرمنيَّة: խաչքար) ويعرف بإسم الصليب الحجري الأرمني ، ويعتبر فن نحت الخاتشكار على حجر الدوف والبازلت من سمات الفن الأرمني الذي لا يتقنه الا الأرمن ! وقد تم تعداد ما يفوق الخمسين ألف صليب حجري على الأراضي الأرمينية   , ويشبه فن نقش الصلبان الحجرية التطريز على القماش ،لذلك سميت أرمينيا المتحف المكشوف، وكان الارمن بعد اعتناقهم الديانة المسيحية كدين رسمي قد اتخذوا الخاتشكار رمزاً لقيامة المسيح وانتصاره على الموت، لأن هذا الرمز لا يعتبر تجسيداً للفكر الأرمني فحسب ، بل نتيجة لوقائع تاريخية عاشها الأرمن ، ففي كل المعارك التي خاضوها كانوا يتمثلون بيسوع المسيح القائم من الموت فقاموا بقيامته، وكان الملك درطاد الثاني قد اعتنق الديانة المسيحية في العام 301، وأعلنها ديناً رسمياً في المملكة الأرمنية، فأصبحت ارمينيا أول دولة في العالم تتخذ الديانة المسيحية ديانة رسمية للدولة.


ومع الخاتشكار تحولت عبادة الصنم الحجري تعَبداً للصليب المنحوت على الحجر، لكون الأرمن قبل تحولهم الى المسيحية كانوا يعبدون الأصنام المنحوتة على الحجر ، وكانوا ينحتون ايضاً شجرة الحياة والتي تحتوي على أشكال هندسية مزخرفة ورسومات لحيوانات ترمز إلى القوة والعزم كالأسد والنسر، كذلك تتضمن رسومات لاشجار الفاكهة التي تشتهر بها أرمينيا كالعنب والمشمش والرمان , ومن قوانين نحت الخاتشكار بأن يُوضع في اتجاه الغرب لغرض مهم وهو وقوف المؤمن في الاتجاه المعاكس له من جهة الشرق ،حيث شروق الشمس الذي يرمز للحياة ولبزوغ نور المسيح ،كما ومن أساسات تشييد الخاتشكار أن يكون موضوعاً في مكان مكشوف، مظهراً الإتجاهات الأربعة من خلال أطراف الصليب. وتتميز كل مقاطعة في ارمينيا بأسلوب خاص لنحت الخاتشكار ، على ان الخاتشكار الاقدم لا يزال موجوداً حتى يومنا هذا ويعود للملكة  كادرانيته kadraniteh من العام 879 ميلادي والخاتشكار الثاني نجده معروضاً في معبد كارني ، ويعود لكريكور أدرنيرسيه Krikor aderneseh من العام 881ميلادي


وفي ارمينيا تم تضمين صليب اليد الذي يحمله الكاهن أثناء الاحتفالات الدينية والذي يبارك به الشعب رسومات الخاتشكار ، كذلك تضمين صليب الصدر وصليب التطواف وبدلة الكاهن الطقسية لنفس النقوش والرسومات ، وبالتالي أصبح الخاتشكار رمزاً أساسياً لوجود الأرمن في العالم ، ويتواجد الخاتشكار عند مداخل  الكنائس والأديرة الارمينية وعلى المقابر حيث يوضع الخاتشكار للشخص الراقد على رجاء القيامة ، وبعد إبادة القرن العشرين بحق الارمن أصبح الخاتشكار مُقترناً بذكرى الشهداء الذين قضوا في سبيل الحفاظ على إيمانهم المسيحي وقوميتهم الأرمنية ، والخاتشكار الشامخ في دير سيدة بزمار فوق مقابر الشهداء خير مثال على ذلك. ولا يزال الخاتشكار الارمني يحتل مكانة مهمة لدى الارمن في العالم تماماً مثل رمزية جبل أرارات ، فهو يعني الشعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء ، ومع إدراك العالم لأهمية هذه الرمزية قام أعداء الشعب الأرمني بتدمير الخاتشكارات الحجرية بهدف محو تاريخ الشعب الارمني من خلال إزالة أثارهم ، فالدولة الأذرية عمدت الى تدمير ما يفوق الخمسة الاف خاتشكار من الاراضي التي كان يملكها ويسكنها الارمن وانتقلت اليها بقرار من ستالين ، كذلك طمس العثمانيون قبلهم معالم الحضارة الأرمنية في الأقاليم الخمسة عشر التي استولوا عليها بعد المجازر بحق الارمن  . وفي العام 2010 أعلنت منظمة اليونيسكو ضم الخاتشكار الارمني الى قائمة التراث اللامادي الإنساني لرمزيته ولبراعة نحته.

بحث نقولا ابو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0