· 

بين العاطل عن العمل والعاطل عن الامل... والعاطل عن الحب


مما لا شك فيه أن العاطلين الثلاثة يسكنهم الحزن! لكن مصيبة العاطل عن الأمل هي أكبر مصيبة بالمقارنة مع العاطل عن العمل الذي سوف يجد وظيفة يوماً ما ويعرف الاستقرار , ولعل اكبر مصائب الشباب اللبناني في زمن الرويبضة هي تعطل قلوبهم عن الأمل ، وفي مثل هذه الحالة لن ينقذهم إلا حاكمٌ صالحٌ من العسكر يعرف الله ، والله يعرفه ، وحتى يحين الوقت يبقى طريق المطار هو طريق السعادة لاولئك حتى يعود الوطن لاهله ، وهكذا فاننا نرى قلوب العاطلين عن الأمل مُنكسرة وعقولهم حائرة وربما قد عاكستهم ظروفهم بسبب ضيق الحال حتى بات التوتر والقلق يسيطران عليهم ، وباتوا بحاجة لرحمة إلهية حتى يعود الامل اليهم ، وتعود نبضات قلوبهم إلى الخفقان وترتسم البسمات على وجوههم ! 


يقول الكاتب المصري مصطفى كامل : "لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة" واذا كان الأمل يهزم الألم، فيجب على شبابنا العمل على إضاءة الشموع حتى لو كانت خافتة ، لانها أفضل بكثير من إضاعة العمر في انتقاد الظلمة ، والعاطل عن الأمل لا يتنفس هواء الصباح ويرى لياليه موحشة ، ولا أمل عنده بالغد ، والعاطل عن الحب يفقدُ الشهية في لقاء احد أو مساعدة احد ربما كما يقول اهل الاختصاص بسبب هرمون الإجهادالكورتيزول الذي يتعاقد مع الأوعية الدموية في المعدة ما يجعله يشعر بالغثيان أو عدم الرغبة في قول كلمة مساندة لاحد ، او حتى الشروع في مساعدة من حوله ، وتراه يجد الاعذار دوماً ، وفي هذا السياق تقول الممثلة الاميركية "درو باري مور " يصبح الإنسان عاجزًا عندما تحل الاعذار محل الآمال" وهذا صحيح ! ولعل اكثر الكلام المؤلم والمؤثر الذي سمعته يوماً من صديق لي بعد جريمة تفجير مرفأ بيروت في آب من العام 2020 حين قال "لا أستطيع مساعدة نفسي أو عائلتي أو مجتمعي وبالتأكيد ليس لدي أي أمل في أن أحقق أحلامي يوماً ما" ، لكنه فعل ذلك ونهض بفضل مساندة الاصدقاء وأقتنع بأن الاقدار هي من صنع الله وأن الحياة تستمر ، وفعلاً قام بترميم ما تهدم ، وها هو اليوم يتطلع لاستثمارات جديدة في بيروت.


ولكل من فقد العمل عليه أن لا يفقد الأمل، وبعض العاطلين عن الأمل لا يختلفون كثيراً عن نزلاء القبور! ولا أنسى بعضاً من هؤلاء الذين يطلبون مساعدتهم في البحث عن عمل وهم يحملون مؤهلات بسيطة فقط ، وحين اقترح عليهم مهنة مناسبة لكفاءتهم العلمية، يغضبون ويعتبون !ربما لا يدرون ان  كبار الصناعيين ورجال الاعمال الذين أعرفهم عملوا في بداية مشوارهم المهني في وظائف بسيطة جداً، وانا منهم ….! لكن مع الاصرار والعمل المخلص تمكنوا من شق طريقهم الى حيث هم اليوم ، فإذا كان العمل هو توفيق من الله ولا شك في ذلك ! فأن الصبر والاخلاص في العمل يميزان الانسان ويجعلانه ينجح في عمله ، ‏وحسب خبرتي ما ينقص بعض شبابنا هو الرغبة في النهوض والهمة والنشاط"وقوم يا عبدي لاقوم معك" 

نقولا أبو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0