· 

شارل أزنافور، الأرمني بالاسم والفعل


وُلد شارل أزنافور في باريس في العام ١٩٢٤ وكان اسمه عند الولادة شاهنور فاريناچ أزناڤوريان ابن مايكل أزنافوريان طباخ القيصر نيكولا الثاني، والدته نار باغداساريان التي تنتمي إلى عائلة من التجار الأرمن الذين فروا من ارمينيا الغربية إبان الإبادة الجماعية في العام ١٩١٥، وكان والداه محترفين في مسارِح أرمينيا قبل أن يجبرهما العنفُ العرقيّ على الفرارِ إلى فرنسا حيث افتتح والده مطعماً أسماه “القوقاز”في شارع “سان چاك” في باريس ، إلا أن المطعم لم يدر عليه المال ، أدركَ أزنافور مبكرًا حبّه للغناء ، فقد اعتلى خشبةَ المسرح لأوّل مرة في عمرِ الثلاثةِ أعوام ، ترك المدرسة في سن مبكرة  لمتابعة شغفه، ناضلَ قليلًا خلال سنواته الأولى لكن سرعانَ ما أثبتَ نفسه كمغنٍّ وكاتبٍ للعديد من الأغاني الشهيرة ، عاش في مدينة جنيف السويسرية وقد أطلقَ عليه معجبوه لقبَ فرانك سيناترا فرنسا، أشتهرُ بصوته العميق الفريد من نوعه. له تاريخٌ حافلٌ بالأغاني الناجحة، وصلَ صوته العميق وشخصيّته المميّزة إلى العديدِ من الأجيال، كان فناناً متعدد المواهب ، اعتلى لسبعة عقود كاملة عرش الأغنية الفرنسية الرومانسية ، وطرح ١٨٠ أسطوانة تتضمن حوالي ١٤٠٠ أغنية، منها ١٣٠٠ من تأليفه ، باع أكثـر من ١٠٠ مليون نسخة منها في ٨٠ دولة، ولم يكتبها فقط بالفرنسية بل بثماني لغاتٍ أُخرى ، وعلى الرغم من كونه مغنيًا وكاتبًا موهوبًا، إلّا أنّه. دخل في مجالِ التمثيلِ والدبلوماسيةِ.


تزوّج شارل أزنافور لأول مرة من ميشيلين روغل في العام ١٩٤٦، لكن هذا الزواج لم يَدُم طويلًا وانتهى بالطّلاق ، ارتبطَ رسميًا للمرة الثانية مع إيفيلين بلسي في العام ١٩٥٦، كذلك لاقَت هذه العلاقة حتفها بالطلاق ، وفي نهايةِ المطافِ وجدَ الحبّ والاستقرار الذي كان يتوق إليه عندما تزوّج من أولسا ثورسيل السويدية في العام ١٩٦٧، وهو أبٌ لستةِ اولاد من الزيجات الثلاثة. وكان أزنافور قد لفت انتباه المغنّيةِ "إيديث بياف" في العام ١٩٤٦ حيث وظفته كمساعدٍ لها ومغنٍّ ثانوي، ثمّ رافقها بجولةٍ إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان يفتَتِحَ لها الحفلات، ثم بدأَ بكتابةِ الأغاني لها الى ان اصبح  مديراً لأعمالها ، واستفادَ من الصعوباتِ التي واجهته في بداية حياتهِ المهنيةِ، وعمل على إصلاحِ عيوبهِ وتطوير نفسه، واستطاعَ أن يطوّر أسلوبَ غناءٍ ميّزهُ عن غيره من المطربين ، بعدها وجدَ النجاح الذي كان يتوقُ له بأغنية "Sur Ma Vie" التي أوصلته إلى النجوميّة وقد ساعدهُ على تحقيق الشهرة قدرتهُ على الغناءِ في اللغات الفرنسية والإنكليزية والإيطالية والإسبانية والألمانية والروسية. عمل مع العديد من الفنانين ، وكتبَ لهم الكثير من الأغاني ،ونظراً للفقر المدقع الذي كان يعيشه فإنه لم يعرف للمدارس طريقاً ، ولم يحصل على أي شهادة، ومع هذا كان أستاذًاً للأدب الفرنسي في السوربون،


يُعتبر أزنافور مثالاً للرجل الوطني المخلص، وتجلى ذلك في أعماله الخيرية التي تبرع بها لصالح وطنه الأم أرمينيا التي تعرف عليها في العام ١٩٦٣ اثناء جولته في الاتحاد السوفياتي السابق ،  لكنه لم يرتبط بها عاطفياً إلا بعد الزلزال الذي وقع في العام ١٩٨٨ مما دفعه لتأسيس مؤسسته الخيرية ”أزناڤور وأرمينيا” لمساعدة الشعب الأرمني ، وكانت فرحته كبيرة حين استقلت أرمينيا في العام ١٩٩١ عن الاتحاد السوفياتى، وهذا لم يكن يتصور أنه سيحدث خلال حياته ، كما خصص قسماً كبيراً من ريع حفلاته لمساعدة الحكومة الأرمينية في إعادة الإعمار حيث ساهمت تبرعاته في تأمين الكهرباء لاكثر من مليون وثلاثمائة الف شخص بين العام ١٩٩٢ والعام ١٩٩٥ وتزويد ٢١ قرية بخطوط كهرباء، وتوريد ٣٠ ألف طن من الوقود إلى أرمينيا، وتوزيع ٢٤ ألف فرن يعمل بالكيروسين على المتضررين والمحتاجين ، كما نجح في جمع أكثر من ٩٠ فناناً، لإصدار أغنية “لأجلك أرمينيا”التي بيع منها الملايين من النسخ وعاد ريع مبيعاتها لمساعدة بلده الام ،شغل منصب سفير أرمينيا في منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو” وسمي سفيرًا لأرمينيا في سويسرا في العام ٢٠٠٩ ، وقبل وفاته في العام ٢٠١٧ قرر أزناڤور مع ابنه نيكولا متابعة أنشطتهما الخيرية في وطنهما، من خلال “مؤسسة أزنافور”ومواصلة تطوير  البرامج التعليمية والاجتماعية والثقافية وكان المشروع الأول للمؤسسة إنشاء مركز أزنافور في يريڤان العاصمة الذي يضم متحفًا تكنولوجياً وتفاعلياً ومركزًا ثقافيًا وتعليميًا.

بحث نقولا ابو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0