· 

جزيرة سان لازارو … عاصمة الأدب الأرمني في المهجر


‎في العشرينيات من القرن الماضي جمع الشاعر الأرمني الشهير هرانت نازاريان 150 أرمنياً من الناجين من المذابح التي ارتكبت بحق الأرمن ، وأسس قرية نور  آراكس الأرمينية بالقرب من مدينة باري على شاطئ البحر الأدرياتيك ، وهذه القرية لا تزال موجودة حتى يومنا ، كما اكتشف بعض الرهبان الارمن جزيرة سان لازارو التي تقع جنوب مدينة البندقية في ايطاليا  ،والتي أصبحت فيما بعد جزءًا من التراث الأرمني ، وتعتبر سان لازارو واحدة من أصغر جزر شمال إيطاليا ، وقد وصل اليها مجموعة من الرهبان الأرمن الكاثوليك في العام 1715 يترأسهم الأب مخيتار سيباستاتسي ليتخذوها موطناً لهم، وبنوا فيها ديراً عرف باسم "سان لازارو" وبعد سنتين على إقامة الرهبان في الجزيرة قام مجلس شيوخ البندقية بالتنازل عن الجزيرة لصالح الرهبان شرط عدم تغيير اسمها.


‎ بعد تملك الرهبان الارمن الجزيرة  باشروا ببناء دير من طابقين، وترميم كنيسة سان لازارو المهجورة، وقاموا بتشييد حدائق ومبانٍ سكنية ولاهوتية وغيرها ،  وقد جمعت هذه الارض الارمنية تحت سقفها أفضل علماء وشعراء هذه الأمة ، ومئات الالاف من الكتب في ثلاثين لغة مختلفة ، كما أصدر رهبان الجزيرة قاموساً للغة الأرمنية، بالاضافة إلى مجلة دورية "بازمافيب"، وهي مجلة أدبية تاريخية علمية ، كما تعتبر مطبعة الجزيرة أقدم دار نشر للأرمن في العالم ، وتعتبر مكتبتها ثالث أكبر دار مخطوطات أرمنية في العالم بعد الماتيناداران في أرمينيا وبطريركية الأرمن في القدس، وتحتوي كذلك على أول كتاب أرمني مطبوع يعود للعام 1512، كما تضم حوالي 200 ألف كتاب ونشرة دورية مطبوعة ، إلى جانب ذلك يضم متحفها مومياء مصرية جلبها إليها أحد وزراء مصر ذو الأصل الأرمني –بوغوص بيك يوسفيان في العام 1825، كما تضم مزهريات لحضارة الاتروسكان وتحف صينية وتاج هندي، ويضم المتحف ايضاً سيف الملك ليو الخامس اخر ملوك مملكة كيليكيا الأرمنية وسيف أرمني آخر تم اعتباره أقدم سيف في العالم


تقوم دار النشر التابعة لمطابع الجزيرة منذ العام 1789 حتى اليوم بإصدار منشورها السنوي الشهير "مطبوخ الأرمن"، الذي يكشف التقويم الفلكي لاحوال الطقس لمدة عام كامل ، وقد اعُتمد على مطبوخ الأرمن لاكثر من قرنين في إيطاليا وكان يصل منه نسخ عديدة إلى سوريا ولبنان عن طريق الكنائس الأرمنية الكاثوليكية ، كما يوجد في الجزيرة تمثال للأب مخيتار سيباستاتسي من عمل الفنان الإيطالي أنطونيو باجيو ، ونصب لشهداء الإبادة الجماعية الأرمنية والعديد من الصلبان الحجرية الأرمنية "خاتشكار" وهي تبرع من الحكومة الأرمنية للجزيرة في العام 1987 ، يسكن حالياً في الجزيرة حوالي خمسين شخصاً من الرهبان الأرمن بالإضافة إلى الاكليريكيين والطلاب ، ويزورها حوالي 40 الف سائح سنوياً غالبيتهم غير أرمن. بأختصار يمكن اعتبار هذه الجزيرة واحدة من المراكز العالمية المهمة للثقافة الأرمنية

بحث نقولا ابو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0