· 

بين الخسارة والهزيمة … صمت وخيبة أمل

من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب“جزء 5
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب“جزء 5


الخسارة هي فقدان شي يمكن تعويضه ، والهزيمة هي خذلان معنوي وجراح يمكن للأيام أن تكون كفيلة بنسيانها ! وفيما تَجاوز الخسارة أمرٌ سهلٌ لان الانسان يعيش على أمل ان يكسب في المرات القادمة ! أما الهزيمة فأنها تسبب جراحاً في القلب وكم هو صعب عندما يهزم المرء في الحياة ،  ويصبح في حالة انكسار وخذلان وفقدان ثقة ، والاصعب عندما يتعرض للانتقاد والسخرية والشماتة ، لذا عليه تجاوز كل هذا ، ويُخَطَّأُ المهزوم بعد هزيمته عندما يخوض مع أعوانه معركة تشويه سمعة بلده دون سبب ، وهنا نتفهم موقفه ولا نوافقه لأنه سوف يخسر في المعركتين ، علماً ان معظم خسائر وهزائم الشعوب سببها الحكام ، وتُعد افعال بعضهم جناية كبيرة وخطيرة تتسبب في جلب الويلات لاوطانهم وشعوبهم ، لكن مصير هؤلاء الحكام سوف يكون مخزياً وسيئاً.


وطيلة السنوات التي انقضت من العام 1990 حتى اليوم ، لم نكن على وفاق مع حكام المال والاقتصاد الريعي في قراراتهم ، وربما لم نكن على وفاق مع خيارات الذهاب الى البنك الدولي ايضاً ، لان جميع الدول التي اقترضت منه ضربتها المديونية ، ورغم انه في حالتنا الحاضرة "شو هم المبلل من الشتي" ورغم ادراكنا ايضاً  كصناعيين ماهية الشك والريبة التي تتملك قلوبنا حول اقتراب التعافي الاقتصادي الكامل ، ورغم أننا ما زلنا نشعر ان الخسارة هي مجرد مرحلة والهزيمة جزء أصيل من مسيرة نضالنا في هذا الشرق الملعون ، ‏وأن الإيمان بالخلاص هو في حد ذاته نصر لنا ومع اشعيا النبي نردد كلام الرب يسوع :"لَا تَخَفْ لِأنِّي مَعَكَ، لَا تَخَفْ لِأنِّي إلَهُكَ. سَأُقَوِّيكَ وَأُسَاعِدُكَ، وَسَأدْعَمُكَ بِيَمِينِي المُنْتَصِرَةِ" (إشَعْيَاء 10:41) وإذا كنا بالإيمان بالله تجاوزنا الصعاب ولا نزال نفكر ونسعى ونخطط لما هو قادم ، ونستفيد من الهزيمة ونستبعد نتائجها بعد أن ايقنَّا ان دول العالم كلها لا يهمها امرنا بل مصالحها . لكن لا بأس بتذوق طعم الخسارة والهزيمة التي تصنع الرجال الابطال، فالخاسر في اي معركة هو لم يخترها والمهزوم رغماً عنه كُتب له الخسارة والهزيمة وكسر الخاطر والخيبة ، والجميل انه لا يزال يتطلع بأمل لتغيير يحدث في عقول حكامنا ، ولا شيء يحدث للاسف !!


وفي الاخير ارى ان الهزيمة ليست في التعثر او الخسارة ، بل هي في التوقف عن المضي قدماً ، ومهما لاحت في الأفق خسارة أو هزيمة فعلينا الصبر ، فخلف الغيوم مطرٌ تحلو به الحياة ،على أن تَقبل الخسارة هو إمتدادٍ للنعم ، والفقد هو تكملةٍ للاستمرار ، والموت هو مرحلة من مراحل الحياة ، والهزيمة هي حافزٌ للنصر ...ففي اللحظة التي تكادُ تتفسخ فيها روح الانسان وجعاً وينفطرُ فيها قلبه حسرة ، عليه أن ينظر إلى السماء ليلتمس الطمأنية في كنفِ الله ، ورغم ملاحظتي ان الكثير من الناس يهابون الفشل ويحاولون تجنّبه، ويعتبرون ان الخسارة والهزيمة آخر الدنيا ! لكنني في الحقيقة اراه جزءاً من نظام الحياة ولا يمكن تفاديه ، كما أن الخسارة تجعل الانسان يتعلم والهزيمة تجعله اقوى في كثير من الاحيان . وعلى الانسان تذكر جميع النعم التي منحه إياها الله ، وأعطاه الصحة والعافية ليستمتع بكل شيء ، ويتوجب عليه تقبل الخسارة والهزيمة والشعور بالرضا التام ولولا الفشل لم يكن هناك نجاح !ومع جبران خليل جبران أختم "لا شيء أوفى من الصمت حين تخيب الظنون"

نقولا ابو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0