· 

بين الحَرب والحُب ... وسقوط الراء

 ‎من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب“جزء 5
‎من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب“جزء 5


عندما يظل اسم لبنان على لساني ، وعندما يعشعش حنين الغربة داخل الوطن في اعماقي ، وعندما أبحث ‬⁩في قلبي عن مساحات الشوق لايجاد طرق لافراغه وتراها لا تؤدي إلا إليك يا وطني …!  وبعد ألف حَربٍ في داخلي يأتيني حُب بدون راءٍ ، واجيبه أترك الراء مكانها ! فما لي من أُنس في غربتي داخل لبنان سوى التذكار والأملِ ، احتال في النوم كي ألقى خيال الوطن ! فالمُحب يحتاج إلى الحيلِ ، لبنان في القلب مقيم ، قربه نعيم الروح ، انه الترياق وعلى ارضه حتى نبض قلبي يختلف ! نعم لم تعد الراء مكانها فارغ ، لان رياح الحزن تعصرني وتسخر بين وجداني ، لبنان واحة هدأت عليها كل أحزاني ، لبنان نسمة تروى لصمت الناس ، هواكِ لبنان أوطاني ، ولو انساك يا وطني حنايا القلب تنساني ، وإذا ما ضُعت في دروب زحلة ……تلقاني ، وأعود ألقي السلام عليك بصمت سائلاً كيف حالك يا كل حالي؟! الراء عندي هي رحمة ورأفة ورجاء ورجولة رغم أن الكرامة في الغربة وطن، ‏والذل في الوطن غربة.  


في لبنان نعيش في نصف وطن، نصف حرب، نصف حياة ،نعيش عصراً من عصور الجاهلية ولكن بتوصيف مختلف ، حتى أن الجهل جَعلنا نصنع أصناماً كيفما نشاء، وربما لا تشبه الأصنام التي إعتدناها من قبل ، ولكن في حقيقتها وجوهرها تبقى أصناماً ، فهذا الذي يعبد زعيماً، وآخرُ يعبد فناناً، وآخرُ يعبد المال، وآخرُ اعتاد أن يكون تابعاً مُطيعاً يعبد النظام  ، أما حانَ الوقتُ لتنفتحُ نوافذ العقول لينساب شعاع العلم، وتنهل منه فينتهى الجهل ويُقطعُ دابر الجاهلين للأبد؟ أما حان الوقت كي نضيئ المستقبل بأيدي العلماء وأصحاب الفكر المستنير ليثمر جيلاً محباً للعلم ؟  لكن اذا انطفأت بعض مصابيح العلم بأيدي الجهَّال حسداً ، هل نعود أدراجَنا ولا نُكملُ الطريق ؟ وهل هذا ما يريدون ؟ لست ادري ! انما ما أعرفه هو أنه علينا مواصلة مسيرتنا وسوف تُشرق شمس الحرية لتعلن الانتصار على الخوف وعلى الانانية وعلى الكثير من عاداتنا البالية !


وأخيراً نسأل لماذا وصلت بلادنا إلى هذا الحال من الجهل والضعف والهوان؟ لماذا أصبحنا أرقاماً لا تمثل شيئا ً؟ لماذا أصبحنا في ذيل القائمة؟ لماذا أرى في بلادي اليوم شباباً مثقفاً يسيرُ مثل القطعان ؟ أراهم يصفقون لمن لا يستحق، يصفقون لمن انزلنا الى القعر والهاوية ، يصفقون لمن هجرهم! ولهؤلاء أقول : إن كنتم مثقفين ومتعلمين وفعلتم فعلتكم هذه ،  فليتكم ما تعلمتم شيئاً! هل هذا العلم الذي جعلكم تصفقون لكل ظُلام العصر ؟ هل هذا العلم الذي جعلكم تصنعون ديكتاتوراً  يُغامر بحياتكم وبمستقبلكم ؟ أين عقولكم؟ أم أنها سُلِبت منكم كما سُلِب منكم علمكم وعدتم إلى عصر الجاهلية الأولى !  وفعلا صدق يوسف القرضاوي بقوله في ملحمته النونية "برقٌ ولا مطرٌ، وأوراقٌ ولا ثمرٌ، وجعجعةٌ بغير طحين" .

نقولا أبو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0