· 

بين جراح الشعب الارمني … وعشق أرمينيا

من كتاب "أرمينيا موت ….وحياة تتجدد!" ‏
من كتاب "أرمينيا موت ….وحياة تتجدد!" ‏



لا ادري مَن شّرع قوانين معاقبة الحكام لبعضهم بأن يدفع شعب ارمينيا الاثمان الباهظة على هذه الأرض منذ العام 1915 حتى 2023 ، بعد أن خسروا املاكهم وجنى عمرهم ومستقبلهم ومستقبل اولادهم ، نعم لا يوجد عدل ولا ضمير على هذه الارض، وربما لا يوجد قضاة دوليون شرفاء لاحتكام الشعب اليهم ، ولا حاجة للشعب الارمني بعد اليوم  للاحتكام الى مجلس الأمن الدولي لمنع تقاسم ارضه التي تناقصت عبر الازمان من مساحة 300 الف كلم2 الى مساحة 30 الف كلم 2 ، لذلك أنصحهم بنقل قضيتهم الى محكمة السماء والوقوف امام الله ومصارحته قائلين :  "يا إلله نحن لم نسلب أراضي أحد لكن اراضينا سلبت منا !  نحن لم نعتدِ على أحد لكن الأخرين قد اعتدوا علينا ! نحن لم نسرق مال أحد لكن مالنا سرق منا" 


اخبروا الله وهو العليم طبعاً عن المجازر بحق الارمن ، وكيف ذبحوا الاطفال وأكلوا لحمهم في “أورفة” وحرقوها في الأفران، اضافة الى الذبح والسلخ وبقر البطون وشي الرؤوس ، وسحل الأجساد وغيرها ، وكيف افترسوا النساء في “صاصون” وكيف قُطعوا رؤوس الرجال في “ديار بكر”. اخبروا الله كيف استغلوا إسمه وشوهوا مبادىء شرعه ، وحرفوا كلام كتبه السماوية ! اخبروا الله عن المليون ونصف شهيد ! واخبروه عن شعوب اذا ما وجدوا من يقتلوه ، قتلوا آباءهم ! ومسلسل الاجرام متواصل . ورداً على اسئلة اصدقائي عن فقدان آرتساخ  لحكمه الذاتي ؟ فأن ارمينيا وبالرغم من تحالفها مع روسيا ، الا انها على ما يبدو قد ترددت بالانضمام الى الاتحاد الاوراسي الذي تتزعمه روسيا، واكتفت بعد الاصرار على دخولها كعضوٍ مراقب وليس عضواً فاعلاً ، مما سبب نوعاً من النقزة عند الروس...كما حاولت ارمينيا في السنوات الثلاث الاخيرة فتح قنوات مع الاتحاد الأوروبي بهدف الانضمام اليه، ومنذ  ايام إستضافت مناورات عسكرية مع الجيش الاميركي وما عرف بتدريبات "إيغل بارتنر 2023"  بين 11 و20 سبتمبر (أيلول الجاري) مما ازعج  الروس واعتبروه نوعاً من الخيانة وهكذا عاقبت روسيا ارمينيا، وتركت ارتساخ ولم تتدخل لقلب الموازين العسكرية لان أرمينيا لم تقدم ضمانات لها ، وهذا من وجهة نظر الاعلام الروسي طبعاً . 


وفي المقلب الاخر فأنني ورغم كل ما احمله من "حب مقدس" لوطني لبنان فأن أرمينيا هي "موطن الروح" بالنسبة لي ، ولم أشعر يوماً انني غريباً في بلاد الارمن  ! ولا أعرف لماذا حكامنا في كلا البلدين لا يؤمنون أن الهوى لا يحاصره مكان وأقوى من أن تهزه السنون ، وإن سلبوا منا ارتساخ فليعلموا أن لا شيئ يدوم في هذه الحياة ، وأن حبنا لارضه الطاهرة هو حب الهي ، وكم تمنيت لو انني لم ازرها يوماً والتعلق بها . في لبنان نشأنا منذ طفولتنا على فكرة أن الوطن هو والدنا، ولكن بعد تسع سنوات من وجودي في ارمينيا بصورة متقطعة ، وصلت إلى الوعي القوي التالي : وهو أن ارمينيا هي طفلنا، نطّورها مع اهلها نتيجة جهودنا ، وسوف نكون في خدمتها دوماً ، وهذا اساس وجودنا فيها لان اولادنا أرمن ، وقدرنا البقاء مع اهلها ونشر الامل بمستقبل زاهر ، نحن الأهل وارمينيا طفلنا ! نحن نعيش ونعمل هناك بهذا الإدراك !  

نقولا أبو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0