· 

بين تجميل الوجوه والنفوس والعقول … والموضة

 ‎من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب“جزء 5
‎من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب“جزء 5

 

 

أصبح التجميل موضة المواسم من تنفيخ الشفاه بطريقة مبالغ فيها الى موضة جديدة تتمثل بتعريض الفك ورفع حدود الشفاة بالرسم والنمش الصناعي ونحت الجسم ، على أن عمليات رفع المؤخرة وتصغير الخصر وتكبير الصدر تلاقي رواجاً كبيراً والحمدلله!! وتجري المرأة خلف الموضة دون وعي بما يناسبها وما لا يناسبها لتشوّه ملامحها ! وهكذا تفقد النساء جمالهن الطبيعي مع ما يرافق ذلك من ضرر بأجسادهن ، وفي كثير من الاحيان تقعن ضحية لأطباء لا يملكون الضمير والمهنية هدفهم المال والتجارة . على أن الإدمان على عمليات التجميل صار مرضاً نفسياً، والمؤسف أنه أنتقل الى الرجال بعد النساء والكل ينشد الجمال الصناعي، والواقع أن إجراء العمليات في الغالب تبدأ بتجربة وتنتهي بهوّس إلى أن يتشوه الجمال الطبيعي للنساء،ناهيك عن المخاطر الصحية التي تترتب على ذلك من تشوهات تلازمهن مدى الحياة.

 

ووفقاً لبيانات الجمعية الأمريكية لجراحي التجميل، فقد جاءت عملية تجميل الأنف في المرتبة الثامنة من بين أكثر عمليات التجميل التي يتم اجراؤها على مستوى العالم ،وبلغ حجم الإنفاق على العمليات التجميلية ومستحضرات التجميل في دولة الإمارات وحدها نحو 20 مليار درهم (5.5 مليار دولار) ويتصدر البوتوكس والفيلر القائمة، يليهما الليزر، شفط الدهون وزراعة الشعر، ويتزايد الإنفاق سنوياً، علماً أن معظم طالبي العلاجات التجميلية ليسوا بحاجة لها ، كما أن 70% من عيادات ومراكز الأمراض الجلدية والتجميل يملكها مستثمرون وليس أطباء ، وهناك زيادة في إقبال الرجال على عمليات التجميل في السنوات الخمس الماضية حيث أصبحوا يشكلون 40% مقابل 60% من المقبلين على التجميل من النساء.

 

ويبقى أن الجمال هو جمال الروح الذي لا يمكن تجميله ابداً ، والتجميل ما هو تجميل الوجوه بقدر ما هو تجميل النفوس ، واذا كان تجميل الوجوه يتم في عيادات التجميل في لبنان والعالم بأسعار خيالية ، فأن تجميل النفوس يتم في المكتبات والمسارح والمراكز الثقافية، وتعتبر الكتب من أهم أدوات إجراء عملية تجميل العقول ،‏وأنصح بزيارة الكنائس ومراكز العبادة لتجميل القلوب ، وليتهم يستحدثون طباً يبدع في تجميل الأخلاق وزرعها في النفوس بدل تغيير معالم الوجوه. على أن التشوهات الأخلاقية باتت وباءً يسري في المجتمعات . لكننا ورغم ذلك فأننا حين نلتمس جمال النفوس الطيبة ندرك أنه ليس كل جمال قابل للرؤية بالعين المجردة ، وننصح من انعم الله عليهم بالجمال بالتواضع قليلاً وأن يبقوا على حقيقتهم ، وهكذا نرى أنه كلما تقدّمت التكنولوجيا خطوة كلما تأخّر الوعي والفكرُ خطوات . وبات بعض الناس فارغي العقول يهتمّون بتبييض الوجوه ونسوا تبييض ⁧‫القلوب‬⁩ !يهتمون بتجميل المؤخّرات ونسوا تجميل النفوس والعقول.

نقولا أبو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0