· 

بين الاهتمام الزائد والاهمال الزائد …. والاعتدال

 ‎من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب“جزء 5
‎من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب“جزء 5


صار معلوماً في لبنان هذه الايام أن الاهتمام الزائد ببعض الاشخاص قد يؤدي الى الاهمال الزائد ، وكلاهما يؤديان الى نفس النتيجة وهي الخسارة ، فالاهتمام الزائد والاهمال الزائد يقتلان الحب ، والإهمال ما هو الا رسالة مختصرة وواضحة عنوانها "ابتعد"! والإهمال ينهي علاقة ظنناها بالأمس انها متينة ، ولكن النتيجة أن الاهمال صار بحجم الاهتمام ! لذا لا تجبر أحداً على الاهتمام بك والسؤال عنك ،فمن يحبك بحق سوف يبحث عنك كما لو كان يبحث عن شيء ثمين ضاع منه ، والجيد في الموضوع أن العلاقات التي تنتهي بالإهمال هي افضل بكثير من التي تنتهي بالمشاكل ، نصيحتي للاشخاص الذين لا يحبون المشاكل أنه من أشجع القرارات التي يجب عليكم أن تتخذوها في حياتكم هي الاستغناء عن كل ما يؤذي روحكم وقلوبكم ، ولن اقول لكم لا تحزنوا على ذلك بل لا تطيلوا الحزن ، فهو لا يليق بكم وليكن حزنكم مؤقتاً على خسارة الاشياء الجميلة تماماً مثل فرحكم بالحصول عليها  ! 


كما أن العلاقات بين البشر قد تنتهي بعدم الرد احياناً والذي هو جوابٌ لمن يفهم لغة الصمت ! ولا حاجة له أن يتقن لغة الكلام ! فعدم الرد جواب ! والصمت ابلغ من الكلام! لذا ليختصر البعض على أنفسهم الكلام! فعدم الرد هو جواب في مواضيع لا تستدعي الرد ! ولا علاقات تنتهي بدون حزن ! وكم هُو مؤلم أن الاخر لا يعرفُ ماذا حل بك سوى أنك عشت اياماً مثل فاقدِ شيئٍ تعجزُ عن وصفهُ ، الله يعلم بالدموع الذي ذرفتها عيناك ولم يرها أحد ، ولا احد يعلم بالكلام الذي خنقك وكسر في داخلك أموراً لا يعلم بكسرها إلاّ الله ،  ذلك لانها كُسرت بصمت ولم تُحدث ضجّة . ولم يعلم احدٌ الوجع الذي تسلل الى أعماقك ، وهل هو وجّع اكبر من الظُلم الذي يمتزج مع قسوة البشر ؟ نعم الاهتمام والحب الزائدان يعطيان نتيجة عكسية مثل الاهمال والكراهية الزائدة ، لذا لا تقاتل من أجل البقاء في قلب شخص لو كان يريدك لكان ناضل من أجلك ومن أجل عودتك ، وإن تخلى عنك فاعلم أنّك تعني له الكثير ….لكن مصيركما الفراق!


الرحيل طريق يسلكه الانسان هرباً من اناس أحبهم ، وعندما يتذوقُ الصُعُوبات في حياته يُصبح عقلُه أكبرُ من عُمره بكثير ، ولا شيء يجعلنا كباراً مثل التجربة ، ولا شيء يجعلنا أكثر صمتاً مثل خيبة الأمل ، والوفاء الحقيقي قد تدركه الحيوانات اكثر بكثير ممّن يدّعون أنهم بشر …رغم علمهم أن الوفاء هو أجمل عطاء يمكنه أن يعيد النبض لقلب توقف بعد ضياع أمنياته ، ويعيد الفرح لمن أفتقده ويرسم البسمة على وجه ملأته الخيبة ، وقليلون هم الذين يعرفون أن الحُب ليس امتلاك انسان تأخذه وقت غرورك وتتركه وقت كبريائك….. الحُب ان يأخذك غرورك وكبرياؤك كالطفل فيّ أحضان من تحب !ابقى وحيداً صديقي اذا لزم الامر ، فلا شيء يستحق  الانتظار ! لكل منا قصة وغصة في القلب لا يعلمها إلا من جرب مرارة الفقد والاشتياق,  مؤثرة هي الدموع التي تغسل العيون وتريح جفون باكيها وهي في قمة الاحزان ، ومؤلُمة هي ضربات القلب عندما تشُتاق لأحد لن يأتي !

نقولا أبو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0