· 

بين الصدفة والقدر… وتآلف الأرواح

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب" جزء 5
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب" جزء 5

‎  

في لقاء الصدفة والقدر تلتقي ارواحاً عن طريق الصدفة ليصبحوا بعدها الأعز إلى قلبك  ،تُحبهم على قدر محبة الذين أدخلتهم إلى حياتك باختيارك ورغبتك ، وأجمل ما في الصدف أنها خالية من الانتظار وفي التجربة اللبنانية عندما يراجع كل منا شريط حياته يكتشف أن أجمل ما فيها قد حدث بالمصادفة ، حيث قادنا القدر ومعه الصدفة دون تخطيط الى ولادة شعور تجاه شخص ما لم يكن يخطر على بال احد يوماً، وفي علم المنطق والعقل تسمى هذه الظاهرة (تآلف الأرواح) أو أن الذي حدث قد يكون حدثاً يعود لزمن بعيد استقر بالعقل الباطن حتى جاء الوقت المناسب وصار التلاقي دون ترتيب مسبق وربما دون سابق معرفة. 


وفي لقاء عابر ….في حلم ليلة صيف ، ربما الصدفة والقدر مَن صَنعه، لقاء لم يدم طويلاً ، كانت بدايته بسؤال لطيف وإجابة سريعة ،  أين أختفيتِ ؟ ولماذا فعلت ذلك ؟ لتجيبه : كنت أخاف الفراق أو الرحيل مع الألم ، فقررتُ أن أتغلب على الخوف وأرحل بدون ألم ، ويعاود سؤالها: وكيف وجدت الرحيل؟ وتجيبه : محاولة تغلبي على الخوف هو أعتراف مني بالجبن الذي بداخلي فالرحيل والألم هما متلازمان لا يفترقان ، ولا رحيل بلا ألم أبداً .. وفي سؤال اخير قال لها : ألم يكن البقاء إذاً خير لك من الرحيل لان الألم حاصل لا محالة ، كان عليك أن تستمتعي بالبقاء قدر ما استطعتِ , لتجيبه كلاهما ممتع وكلاهما مؤلم البقاء والرحيل.. والحياة شاهدة من حولنا على التوافق والتنافر ففي الكيمياء هناك أيونات تتفاعل وتتجاذب ، وفي الفيزياء هناك عناصر تتآلف وتتنافر ، وكذلك هي الارواح  تتجاذب وتتنافر لأنها الأصدق إحساساً والأكثر عمقاً .


وهكذا يقر علماء النفس أن كل إنسان له شبيه روحي يتناسب معه، فكما أن هناك من يحبك بلا سبب، هناك أيضاً من يكرهك بلا سبب , وأحيانا  تُعجب روحك بروح إنسان آخر تحس بمشاعر لا تعرف لها تفسيراً ولا تجد لها أثراً، فقط سوف ترتسم على وجهك  ابتسامة تعجُب وتحس بشعور يمازج قلبك وفرح يداعب وجدانك , فتجاذب الأرواح من أسمى وأرقى العلاقات الإنسانية لأن الوجوه والأشكال تتكرر ، أما الأرواح فلا تتكرر فعالم الأرواح يتعدى الشكليات والماديات حيث التجانس في الطباع الباطنة والأخلاق الخفية ، وهذا ما يسمى الالتقاء الروحي ، أرواح التقت واتفقت واشتاقت، يجمعها تجانس عجيب تساق لبعضها بعضاً كما تساق إلينا الأرزاق .

نقولا ابو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0