· 

بين الخوف من الموت والخوف من الحياة

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب" جزء 5
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب" جزء 5


في الحياة يتوهم بعض الذكور أنهم في غالب الاحيان هم ضحايا عمليّات إختطاف ،فالرّجل بنظرهم لا يخون وأن المرأة هي التي تختطفه من إمرأة أخرى ، ويعاني بعض هؤلاء بشكل دائم الخوف من المرأة ولا يستطيعون رفض طلباتها ، كما يعانون من قلق دائم من المجهول فيما يتعلق بما هو غير معروف أو غير مؤكد، وفيما يبذل العديد منهم جهوداً كبيرة في البحث عن اليقين والوصول إلى حالة الاطمئنان حتى لو كلفهم هذا الشيئ الكثير  من المشقة ، وفي الحياة لا يمكن للانسان الهروب من قدره ، فالخوف هو جوهر الحياة وهو أساسي ،ولا يمكن لاحد أن يمحوّ الخوف من حياته ، هو فقط يتخطاه كلما ازداد قوة، لكن إذا عاوده الضعف يعود هذا الخوف .


والخوف لا يمنع من الموت لكنه يمنع من الحياة ، وحسب قناعتي فأن شعور الخوف من الفقد هو أبشع شعور في الحياة كلها ! ولا يستطيع الانسان الوصول لافضل مكان في حياته الا اذا تحرر من الخوف الذي يعيق صعوده وتطوره لذا يجب التحرر منه وتجاوزه بكل الطرق حتى لو أقتضى طلب مساعدة شخص اخر ، وإذا أراد الانسان التحرر من الكآبة وتبعاتها من الأحزان عليه التخلّص من الخوف الذي يلازمه واقناع نفسه بأن ما حدث وما سيحدث في خضم هذه الحياة هو قدرٌ مقدورٌ،  وما قسمه الله له لن يتجاوزه إلى غيره وما كتبه له أو عليه سيصيبه وإن أحاط نفسه بالأسوار لتجنّبه.


‎بدوره الفيلسوف الانكليزي توماس هوبز تناول مفهوم الخوف وتأثيراته حين قال بأن الخوف من الموت هو ما يُرهب الإنسان ويقمعه ، وربما يمكننا ان نفهم كيف أن الإنسان وبسبب مخاوفه وقلقه  من الموت قد أجاز للسلطة الزمنية والروحية صلاحية حمايته ، في المقابل وللحصول على طاعة الناس كان لا بد لصاحب السلطة بحسب "هوبز" ان يتمتع بعدة مواصفات : منها أن يكون محبوباً ويعطي الانطباع لشعبه بأنه يحبهم ، ومنها أن يكون مُهاباً منه ، وما بين الحب والخوف يتبين أن الخوف هو الأكثر فعالية ، فأن تكون مهاباً هو أكثر فعالية من أن تكون محبوباً ، لأن الخوف من الموت يجعل الانسان أكثر طواعية من المحبة

نقولا أبو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0