· 

من طفلين مشاكسين إلى عباقرة

الاخوان رحباني
الاخوان رحباني


الأخوان رحباني هما عاصي ومنصور ، ولد عاصي في العام 1923 وبعده بعامين ولد شقيقه منصور في العام 1925 في منطقة انطلياس في المتن - لبنان ، والدهما حنا الياس رحباني من مدينة طنطا المصرية الذي جاء الى بيروت بعد أحداث 1882 وسكن في حي الرميل، وعمل صائغاً لدى أقاربه الذين يعملون حتى الآن في المهنة، نشأ حنا وسط أقاربه في محل الصاغة وكان يتطور كثيراً في هذه المهنة، لكنها لم تكن تدر عليه عائداً يرضيه، إنضم الى القبضايات الذين اشتبكوا يوماً مع الجنود العثمانيين فحُكم عليه بالإعدام، وهرب إلى خارج نطاق حكمهم واستقر في انطلياس شمال بيروت, حيث أفتتح مقهىً  في "الفوار" مما جعله مقصداً لأولئك الذين يبحثون عن جلسة هادئة. كان حنا صارماً في الأمور التي تتعلق بالآداب والأخلاق العامة, ونظراً لهذا القانون الصارم كان الكثيرون من أبناء بيروت المحافظين يختارون مطعمه للراحة.


كان حنا محباً للموسيقى لذلك نشأ الصبيان عاصي ومنصور في هذا الجوّ ، تشدّدٌ في الأخلاق والسلوك من جهة, وموسيقى وفن من ناحية أخرى, ومناخ قروي بمياه جارية رقراقة خلال الصيف, وأمطار وعواصف ورعود في الشتاء, يضاف إلى ذلك عامل مهم لعب دوراً في نشأتهما, وهو جدتهما لأمهما, التي كانت تحفظ الكثير من الحكايات والخرافات وتنظم الزجل والقراديات, على الرغم من كونها أمية وكانت تشجعهما على حفظ ما تعرف ، يروي منصور فيقول: "كانت علامات الذكاء واضحة عند عاصي منذ البداية, وكانوا يتوقعون له أن يكون شاعراً أو فناناً في المستقبل ، أما أنا فكانوا يقولون أني سأصبح قاطع طريق في أحسن الأحوال "، كان منصور يحب الشعر منذ طفولته وعاصي يشاطره قراءتها بشغف كبير, وهناك ولدت شخصيات "سبع" و"مخّول". وفي أنطلياس, التقيا الأب بولس الأشقر, وقد شكل هذا اللقاء تحولاً أساسياً في حياتهما مع انضمام عاصي الى جوقة التراتيل وتعلم عاصي الموسيقى ، أسسا نادي أنطلياس الثقافي في سن مبكرة ، عمل عاصي في البوليس في أنطلياس ، وكان رئيس البلدية وقتها "وديع الشمالي" محباً للفن وعازفاً على الكمان,مما شجع عاصي على الهروب من وظيفته ليمارس هوايته, أما منصور فقد كان في قسم الأمن العام في بيروت وكان يهرب من وظيفته ليحضر الحفلات الفنية.


كان هم الرحبانيان هو خلق موسيقى لبنانية ذات هوية واضحة ، لذلك كانت البداية من الصفر ، وقد عادا إلى الفولكلور, إلى الماضي, وأخذا بعض الأغنيات وأعادا توزيعها دون تغيير بالكلام, في مرحلة لاحقة صارا يخلطان الألحان الفولكلورية بعضها ببعض, مثلاً "أبو الزلف" و "الدلعونا" مع "عالماني الماني" في أغنية واحدة مع كلام من تأليفهما, مما أوقع البعض في الالتباس, حيث ظنوا أن الكلام هو في الأساس قديم بينما هو رحباني صرف ، فيما بعد أحسا بضرورة أن يكون للبنان موسيقاه الراقصة الخاصة به, وكانت الموسيقى  الدارجة وقتها التانغو والجاز والبوليرو والسلو, وغيرها من الألحان الغربية, فصارا يأخذان مقاطع من هذه الموسيقى ويضعان لها كلاماً لبنانياً وتوزيعاً موسيقياً جديداً, دون ادعاء بأنها لهما, بل كانا يقولان أنها مقتبسة ومعرّبة, إلى جانب ذلك وضعا لوناً لبنانياً راقصاً مثل: "نحنا والقمر جيران" وإيقاعات راقصة لأغانٍ فولكلورية مثل: "البنت الشلبية". عاصي ومنصور  هما أصل الدوحة الرحبانيّة اليافعة، المتفرّعِة الأغصان الضاربة في الآفاق، المثقلة بالثمار ، رحل عاصي رحباني في عمر 63 عاماً ، اما شقيقه منصور توفي في عمر  83 عاماً , ولا تزال اسطورة الاخوين رحباني مستمرة مع الابناء المبدعين .

بحث نقولا ابو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0