· 

زكي ناصيف … أهزوجة الشرق الخالدة


ولد زكي ناصيف في العام1918 في بلدة مشغرة في البقاع الغربي ,  وكان الأصغر من بين اخوته الستة (4 صبية وابنتين). أبوه شاكر ناصيف كان تاجراً وأمه رشيدة ابراهيم التي ساعدته في بداية حياته بتنمية حِسِّه الموسيقيّ، كان صوتها جميلاً جداً وكانت تغني في المنزل أغانِي حزينة وتبكي فيبكي زكي معها . أحب الموسيقى والشِّعر الشَّعبي منذ صغره( العتابا، الزجل، الميجانا، أبو الزلف...) كذلك أحب الدّبكة اللبنانية التي أثّرت فيه كثيراً ممّا طوَّر قناعته بإمكانية التعبير الحقيقي من خلال الرقصات الشَّعبية اللبنانية ، كما ان  الدور الأكبر في تنمية موهبته الموسيقية يعود للتراتيل السريانية والبيزنطية، وفي العام 1933 تعرض لإصابة خطيرة في قدمه ولازمته كل حياته مما أجبره على ترك الثانوية ، بدأ بدراسة الموسيقى في العام 1936 بتشجيع من شقيقه الأكبر في الجامعة الأمريكية في بيروت، وكان معظم أساتذته من المهاجرين الروس الذين قدموا إلى لبنان بعد الثورة البلشفية،


عمل زكي ناصيف في تجارة الجلود وبذور الزرع مع إخوته ,حتى قرَّرَ التفرغ للموسيقى في العام 1953 وقد ساهم  بما عرف باسم النهضة اللبنانية والتي كانت بداية العصر الذهبي للموسيقى والدبكة مع توفيق الباشا، الأخوين الرحباني وعبد الغني شعبان الذين شكلوا "عصبةالخمسة"وكانت نقاط الاتصال بينهم هي إذاعة لبنان في بيروت ، وفي العام 1960 انضمَّ زكي ناصيف إلى فرقة الأنوار التي أطلقها سعيد فريحة ولحّن لها أجمل الحان أغاني الدبكة اللبنانية ، كما شارك في لجنة تحكيم برنامج استوديو الفن لعدة سنوات ، وكان نتاجه وافراً حيث قام بتأليف ما يقارب 1100 مقطوعة موسيقية ، وقدّم أكثر من 500 أغنية وغنّاها بصوته أو بأصوات غيره من المطربين ،  وهو لا ينتمي إلى مدرسة الرحابنة الموسيقية التي زاوجت الموسيقى الغربية الكلاسيكية والشعبية مع الموسيقى اللبنانية التقليدية ، وإنما نمطُه كان مرتبطاً بالمادة القديمة وإضافة روح الرّيف اللبناني لها.


بالرغم من شعبيته، بقي زكي ناصيف من أصحاب الدَّخل المحدود حيث أنّ تلكَ السنواتُ السّتّون من العمل في صناعة الموسيقى لم تجعله رجلاً غنيّاً او حتى ميسوراً ، وهذا هو الحال مع العديد من الموسيقيين اللبنانيين ، توفاه الله في العام 2004 بعد أن أغنى الموسيقى الشرقية بالكثير من المؤلّفات ورافقت موسيقاه وأغانيه الكثير من الأحداث التاريخية والوطنية فكانت جزءاً لا يتجزّأ من الذاكرة العربية الموسيقية . وبعد رحيله بثماني سنوات تم تحويل منزله في مشغرة إلى متحف يجمع أرشيفه من مخطوطات موسيقية وألحان لم تبصر النورَ بعد، إضافة إلى مقتنياته الخاصّة التي رافقته طيلة مشوارِه الفني من بيانو ونظَّارات،قلمه الخاص ، أوراقه والكرسي الخشبي الذي كان يهوى الجلوس عليه عند المساء ليتأمل قمر مشغرة الذي أبهر فيروز وغنت له أغنيتها الرائعة "يا قمر مشغرة"

بحث نقولا أبو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0