· 

ضاع في ١٠ سنوات


تأسست  شركة توشيبا في العام 1939 وقد حققت ذروة نجاحها في العام 1985 عندما كشفت عن “T1100″، وهو أول كمبيوتر محمول يتم طرحه في الأسواق مما جعلها تتألق  من خلال اختراعها ذاكرة الفلاش “ناند”وبذلك دخلت نادي صناع التكنولوجيا  وصناعة أجهزة الكمبيوتر المحمولة في التسعينيات ، لكنها  خلال عشر سنوات تحولت من رائدة صناعة التكنولوجيا في العالم إلى كيان متضخم مثقل بالمشاكل، وقد أسهمت شعبية الإنترنت في زيادة الطلب لدى المستهلكين في جميع أنحاء العالم على أجهزة الكمبيوتر مما أتاح للمصنعين ذوي التكلفة المنخفضة في تايوان مثل “أيسر” و”آسوس” للدخول بقوة الى الاسواق وعرض أجهزة رخيصة لا تمتلك ميزة العلامة التجارية الشهيرة ، ولاحقاً لم يقتصر الأمر على اللاب توب، وإنما امتد للإلكترونيات الاستهلاكية الأخرى مثل المايكرويف والغسالات، حيث إن القاعدة العامة للمستهلك في العادة هي تفضيل المنتجات الأرخص سعراً وليس الأكثر جودة ، وفي العام 2010 استعانت“توشيبا” بشركات اجنبية لتصنيع أجهزة التلفزيون ، وبحلول عام 2015 انسحبت بشكل كامل من الاسواق العالمية ، تلاها خروجها من أسواق أجهزة الكمبيوتر المكتبية الخارجية تماماً.


أين ذهبت الشركات اليابانية؟

شركة الصناعات الدقيقة التايوانية “فوكسكون” أشترت شركة “شارب”  مقابل 5.4 مليار دولار  بدورها شركة  “سوني” خرجت في العام 2014 من صناعة الكمبيوتر الشخصي ، وقلصت حجم أعمالها في الجوال المحمول بشكل كبير ، حتى أن شركة “نينتندو” كانت على حافة الاختفاء التام من الاسواق العالمية لولا ظهور لعبة “بوكيمون جو”. وهنا يرى الخبراء أن اليابان سوف تظل “عالقة في الوسط” بين الابتكار الأمريكي الأصلي والتصنيع الآسيوي الرخيص، ما لم تقم هذه الشركات بإصلاح ثقافتها وابتكار منتجات أكثر ملاءمة للاسواق وقبل الانتقال إلى الانتعاش وجب أن يتقاعد الجيل الحالي الذي يقود صناعة التكنولوجيا في البلاد ، ولم تسجل البورصة اليابانية منذ شهر اذار 2017 اشهار افلاس أي من الشركات اليابانية الاربعة الالاف المتداولة ، وهذا ليس دليلا على ازدهار الاقتصاد بل هو مؤشر على وجود الكثير من الكسالى والعمالقة المرضى.


عاشت “توشيبا” طويلاً في غرفة العناية وكافحت كثيراً من أجل البقاء على قيد الحياة بسبب صفقة استحواذ كارثية أجرتها وبسبب فشلها في مواكبة التطور الذي شهده الاقتصاد العالمي  وفي غرف العناية المجاورة، ترقد “سوني” ”أوليمبوس” و”هياتشي” وغيرها من كبرى شركات التكنولوجيا اليابانية حيث يتقاسمون ذكريات أمجادهم عندما كانت اليابان رائدة التكنولوجيا في العالم ، ورغم ان توشيبا حاولت جاهدة حماية نفسها من تداعيات إفلاس “ويستنجهاوس”  الاميركية العاملة في مجال تشييد منشآت الطاقة النووية في الولايات المتحدة. كونها المساهم الاكبر فيها ،لكن المصيبة وقعت وتغير كل ذلك في العام 2011 عندما تسبب تسونامي في انهيار كارثي بمحطة فوكوشيما النووية لتغلق اليابان بعد ذلك جميع مفاعلاتها النووية ، واقل ما يمكن قوله في  إنهيار شركة “توشيبا” انه  درامي، حيث إنها أصبحت اليوم منتجاً لبعض الأجهزة التي يمكن وصفها بأنها عادية أو غير فائقة التطور من المصباح الكهربائي إلى اللاب توب وهي التي طالما عرفها العالم كأحد أهم صانع للاجهزة الأكثر تطوراً.

بحث نقولا ابو فيصل ✍️