· 

بين العيش في جماعة …والعيش في عزلة

مما لا شك فيه أن الانسان بحاجة في هذه الحياة الى الانخراط في المجتمع بدل العيش في عزلة ، فالعيش في جماعة تجعل المرء يتفاعل مع الذين حوله ، فالقوي يساند الضعيف والغني يرأف بالفقير والعالم يشفق على الجاهل فتكتمل الحاجات وتلبى الطلبات ،كما ان الانسان لا يستطيع مهما حاول أن يعيش وحيداً في ارضٍ خلية من البشر لحاجته الى الأمن والاستقرار ، كما انه بحاجة الى صديق يفضي له بأسراره ، ويحتاج الى فريق عمل يحقق معه الأهداف سعياً للنجاح والاستمرار , كما انه بحاجة الى أناس تجمعه بهم مواثيق الأخوة والصداقة ، وبالطبع يحتاج الى عائلة وأقارب يساندونه ويساندهم ، تخيلوا حتى الحيوانات والنباتات تحتاج أن تعيش في بيئة جماعية لينتفع الواحد بالآخر وتحقق نموها وديمومتها .


لكن حين تفقد البيئة الجماعية عنصر من عناصرها يقع الاختلال في هيكلها وميزانها ، وقد يؤثر ذلك على بقائها، ولا يكون هناك إستقرار ٌ ولا أمانٌ ما لم يكن هناك توافق ووئام في عناصر هذه البيئة، كذلك فأن جسم  الانسان يكون معتلاً عندما لا تتكامل جميع أعضائه وجميع مكونات الجسد كي يبقى ويستقر ،  وإلا سوف يكون من الصعب عليه أن يؤدي وظائفه وأعماله بالشكل السليم ، فإذا اشتكى عضو من الجسم يستدعي باقي الأعضاء بعضهم بعضاً ويسهرون على العضو المصاب ، فلا يهنؤون ولا يستريحون حتى تعافيه ، ويكون الجسد بأكمله في حالة عدم استقرار حتى يتعافى ويعود الى طبيعته .


ويبقى الاشارة  أنه حين أهمل اللبنانيون مفهوم التعايش فيما بينهم في هذا الوطن المقدس ، حلت عليهم المصائب وتعاظم الغباء والبلاء ، والبعد عن القيم ، خاصة مع تفكك الاواصر العائلية والمجتمعية في المجتمع اللبناني ، وربما أصبحنا مشتتين في الوطن وخارجه ، مكسوري الأجنحة على طريقة زياد الرحباني "مجموعة عالم مضروبين مقسومين " كل له أرضه وحدوده وشعبه ومعتقده وفكره ودينه ! وصرنا بالفعل أمماً مقسومة على ذاتها بفعل غباء حكامنا، وبانتظار ان ينقلب السحر على الساحر ، وطابخ السم يأكل طبخه وتنقلب الموازين، فأنه لا بد لنا من ان نعمل سوياً لبناء وطنٍ يعيش أبناؤها ويعملون ويخططون في بيئة جماعية موحدة ، شرط إقرار قوانين جديدة ضامنة لحقوق الجميع تبدأ باللامركزية الادارية الموسعة ، وعسى ان تكون هذه الايام الصعبة التي نمر بها هي خاتمة احزاننا واحزانكم في هذا الوطن .

نقولا ابو فيصل ✍️