· 

سابوتو ملك الموزاريلا


دفعت الحرب العالمية الثانية صانع الاجبان الايطالي "جيسبي سابوتو " مع أبنه فرانك للهجرة الى كندا ، واتخذ من مدينة مونتريال في مقاطعة كيبك مركزاً له بعد أن دمرت الحرب مصانعه فوق رؤوس عمالها ، وبعد سنوات قليلة في العام 1954 اجتمعت العائلة مكتملة مع وصول زوجته ماريا واولاده الثمانية وكانت الظروف المادية للعائلة سيئة للغاية خاصة مع تقدم الوالد في العمر وامام هذا الواقع المرير قرر الابن الرابع للعائلة واسمه "لينو" والبالغ من العمر تسعة عشرة عاماً ان يجمع المال حتى تمكن من ادخار مبلغ 500 دولار ، كانت كافية وقتها لشراء معدات خفيفة لصناعة الجبن ولشراء دراجة للتوزيع ، كما أستأجر محلاً صغيراً في  مدينة مونتريال اسماه "سابوتو" وبالفعل اهتم الوالد مع زوجتة ماريا في صناعة جبن الموزاريلا في  المحل الصغير، وكان لينو يقوم بتوزيع الانتاج في المدينة ، وكانت الطاقة الانتاجية للمحل لا تتعدى 10 كلغ يومياً ، ومع ازدياد حجم الطلب وتوسع العمل تم شراء سيارة للتوزيع ، وتم الانتقال الى محلات اكبر وشراء معدات جديدة لانتاج كميات اكبر من الموزاريلا.


في العام 1960 تحولت البيتزا من وجبة ايطالية الى منتج ذي شهرة كبيرة في امريكا الشمالية واوروبا ، وازداد الطلب على منتجات سابوتو كونها من المكونات الاساسية للبيتزا ، وذات جودة عالية ، وبعد مرور خمسة عشرة عاماً على عمل جيسبي سابوتو في ادارة الشركة ادرك انه لم يعد قادراً على العمل بسبب التعب والتقدم في العمر ،وهذا ما دعاه إلى نقل الادارة لإبنه لينو  الذي حافظ على جودة المنتج ، وقرر ان يتوسع بالاموال التي تحققها الشركة من الارباح ، وليس بالاستدانة او بمشاركة الغير ، وهكذا توسعت اعمال الشركة في السبعينات بإدارة ليو سابوتو من خلال انتاجها لاصناف جديدة من الجبان والالبان ومشتقاتها ، ووصول منتجاتها الى كل المقاطعات الكندية ، وهكذا اصبحت شركة سابوتو المنتج الاول للموزاريلا في كندا ، واستمرت في التوسع وشراء مزارع الابقار وشركات الاجبان والالبان الصغيرة المنافسة لها،وانتاج العبوات البلاستيكية في مصانعها الخاصة.


في العام 1990 قرر لينو طرح 20% من اسهم الشركة في البورصة ، واستغل العوائد التي حصل عليها من التوسع في شراء المزيد من المزارع ، يذكر ان 40% من اجمالي جبنة الموزاريلا التي تباع في الاسواق الكندية هي من انتاج شركته ، وهذا ما حمل الصحافة الكندية لتسميته "ملك الموزاريلا "كما توسعت شركته عن طريق طرح منتجات جديدة في الاسواق مثل الكعك والكيك والفطائر الجاهزة وبعض المنتجات الاخرى ، وفي العام 2001 صنفت شركته انها اكبر شركة البان في كندا والخامسة في امريكا الشمالية، وفي العام 2003 انضمت كبرى شركات الالبان في الارجنتين الى مجموعة سابوتو  مما مكنها من دخول اسواق أميركا الجنوبية ، وفي العام 2004 وعند بلوغه سن السادسة والستين قرر ان يتنحى ، وتولى نجله الادارة بعد 35 عاماً من الريادة في الاعمال حيث تحقق شركته مبيعات تفوق  3.57 مليار دولار سنوياً ، يذكر ان ثروة لينو حالياً تبلغ حوالي 4 مليار دولار اميركي بعدما كانت 500 دولار وهو في سن 19 عاماً ، اما في لبنان فأن العديد من شبابنا من خريجي الجامعات يقبع في المقاهي يدخن النرجيلة ويلعن الحاضر ولا يبادر !

بحث نقولا ابو فيصل ✍️