· 

بين ﺑﺼﻞ ﻋﻜﺎ … وزيارة مكة والغلاف الديني

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب؟" جزء 5
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب؟" جزء 5


يروى أنه في قديم الزمان أﺷﺘﺮﻯ تاجر عربي ثلاثة أﻃﻨﺎﻥ من ﺑﺼﻞ ﻋﻜﺎ المشهور ، وحين ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻥ ﻳﺒﻴﻌﻪ ﻟﻠﻨﺎﺱ لم يشترِ ﻣﻨﻪ أﺣﺪٌ ﺣﺘﻰ  كاد يفسد معظمه ، فقصد رجلاً جليلاً معروفاً بالحكمة والحنكة والشطارة بالتجارة ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺒﺼﻞ ﺍﻟﺬﻯ ﺍﺳﺘﻮﺭﺩﺗﻪ ﻣﻦ ﻋﻜﺎ “ﺑﺎﻅ “  ﻭﻟﺴﺖ ﻗﺎﺩﺭاً ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻌﻪ ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ الرجل ﺍﻧﺎ شريكك في ﺗﺴﻮﻳﻘﻪ. ﻭﺍﻓﻖ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻭﺫﻫﺐ برفقة الرجل الحكيم الى السوق حيث دلّل على البضاعة قائلاً : "ايها السادة ﻣﻦ ﺃﻛﻞ ﺑﺼﻞ ﻋﻜﺎ ﻛﺄﻧﻤﺎ ﺯﺍﺭ مكة " فخرج ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﺷﺘﺮﻭﺍ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﺼﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ. وهكذا تم تغليف البصل بغلاف ديني .


في لبنان يحدث أن تشفق أو تضحك من بعض رجال الدين من كل الطوائف الواعظين المتحدثين عن الزهد لأنهم غارقون في الدنيا وملذاتها ومتعها من الأذنين حتى أخمص القدمين في المسكن والملبس والمأكل والسيارات الفاخرة والمقتنيات وصولاً الى النساء، الخ. ويضحكني عندما يتحدث هؤلاء في عظاتهم ايام الجمعة والاحاد والاعياد والمناسبات الدينية عن التقوى ومخافة الله، وبعضهم لا يعرف الله خاصة بعض القيمين على المدارس والمستشفيات الذين لم يُضبط أحدٌ منهم متلبساً بعمل خير  طوال حياته!


ويضحكني ايضاً عندما يتحدث بعض هؤلاء عن العطاء ، وعباد الله يرونهم أصحاب إختصاص في الأخذ ! ويضحكني في عظاتهم عن الفقراء والايتام والمساكين ومؤخراً عن  الناجين من تحت الانقاض ، وبأنهم سوف يبنون لهم المنازل وسوف يعيشون في نعيمٍ ما بعده نعيمٌ ، ولا يقدر أحدٌ من المغلوب على أمرهم على مواجهتهم وتحصيل تعويض منهم ، وهكذا نكون امام درس جديد في تجارة الدين والاتجار بالعباد .

نقولا أبو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0