· 

بين مال يُعمي البصر وقدر يُعمي البصيرة

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب؟" جزء 5
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب؟" جزء 5


اذا كان المال يعمي البصر فأن الفقر يعمي البصيرة ، أما الجهل فأنه يعمي البصر والبصيرة ، ورغم قول المثل  الشعبي "الحب أعمى" إلا انه يُقرب القلوب والاحاسيس بعكس الكراهية والبغض والحقد القاتل  ، فكل هذا يعمي عيوننا ويغشى عقولنا فتمتنع الرؤية ويعجز الفهم، والحب يدخل القلوب بلا استئذان ، فيعمي البصر والبصيرة احياناً كثيرة ، فيفقد الحبيب المقدرة على التمييز بين ما يضرّه وما ينفعه ، وتراه ينساق وراء عواطفه ولا يستفيق منها إلا بعد فوات الاوان.


بدوره رأى شكسبير" أن الحب أعمى " وأن المحبوب والمحبوبة لا يريان الحماقة التي يمارسانها ، وحين يكون احدهما في حالة حب فإن العالم كله يدور بالنسبة له حول شخص من يحب ، ويأتي الزواج ليثبت عكس ذلك ويهدم جميع تصوراته بعد أن يكتشف أن هناك إختلافات بينهما كان لا بد أن ينتبه لوجودها ، إنها المفاهيم والقيم والعادات !لكن هل يكون الزواج أكثر نجاحاً حين لا يسبقه علاقة حب؟  في إعتقادي قد يكون ذلك صحيحاً لكنه يتوجّب على طالبَي الزواج ان يأخذا الوقت الكافي لتقييم مختلف جوانب شخصية بعضهما بعضاً  ، وأن يتعاملا بعقلانية أكثر من اجل علاقة طويلة .


 وفي لبنان نجد أغلب حالات الزواج الفاشلة تعود بسببها الى التردي في الاوضاع  الاقتصادية بشكل اساسي ، ناهيك عن خطأ في تقدير الشركاء في أن كل شيء سوف يتغير بعد الزواج نحو الافضل ، ولكن الوقائع أثبتت أن ذلك غير صحيح لأن الشريك حين يتعود الاستحسان من الاخر فلا يعود بإمكانه أن يتحمل النقد بعد الزواج ، وحين يسيطر الحب في العلاقة فإن الشريك لا يرى الآخر على حقيقته بل يراه في إطار من المثاليات ، لذا فهو يتجنب إثارة أي موضوع يعتقد أنه لا يروق للآخر ، وهكذا يستمر الحب سطحياً لفترة طويلة حتى يرى الشريك شريكه على حقيقته ،  وعندها عليه ان يتقبل تصرفاته بعقلانية حقيقية أو أن يغادر !

نقولا ابو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0