
يظهر جلياً في كتاب "نهج البلاغة" للامام علي بن ابي طالب أن للعقل مكانة مهمة ومرموقة في فكره ، فهو قوة فاعلة وتعبيرية في حياة الانسان ، وهو السلطة التي تقوده إلى الخير والسعادة ، اضافة الى أنه الاداة التي يستخدمها الانسان لمواجهة حالات الضعف التي تواجهه ، وهو القوة التي تساعده للانتقال مِن الشر إلى الخير ، فعندما يستخدم الانسان سُلطة العقل في توجيه حياته نجده يترفع في بناء شخصيته ، وما ينتج عن ذلك مِن فضائل جديدة يتحلى بها مثل الاستقامة في العمل ، والصدق في التعامل مع الناس ، كما أن امتلاك العقل العَلم يساعده للوصول إلى الحلم ، لتكتمل بذلك الشخصية المتكاملة التي يسعى الانسان لتحقيقها في الحياة .
ومن الواضح ايضاً في فكر الامام علي بن ابي طالب أن العقل والحلم والعلم تمثّل مجتمعةً الشروط التي يجب توفرها في المدير الجيد القادر على الادارة ، حيث أن سلطة العقل تمتد في آثارها على الادارة وحسن التدبير لأنّ بالعقل وحده لا يمكن للانسان أن يُدير أعماله بطريقة فعالة ، ومداراة عقول الناس حوله هي إحدى أركان الادارة الجيدة لجهة معرفة ما يرضيهم وما يزيد من حماسهم وفعاليتهم في العمل ، كما أن توفر شرط الحلم في الاعمال هو أحد أركان الادارة والقيادة ، فالادارة ليست فناً وحسب بل هي علم أيضاً ، من هنا فأن الهدف من تنمية قدرات الانسان هو جعله يتمتع بالقدرة على تحمل المسؤولية وإدارة الاعمال .
أما كيف يكون الانسان حليماً في فكر الامام علي بن ابي طالب ؟ فقد أتى على ذكر ذلك من خلال طرحه عدة طرق تساعد لكسب هذه الفضيلة، منها "جالس الحلماء تزد حلماً " "صاحب الحكماء وجالس الحلماء" مصراً على الابتعاد عن المذلة ومكافحة هذه الآفة التي تقف حجر عثرة أمام الحلم "آفة الحلم الذلّ " وبذلك يعتبر الامام علي أن الذليل يفقد موازين القيم ، كما نجده يطلب منا تجنب الاغبياء حين يقول "لا تصحبنّ من لا عقل له"ويصر علينا مجالسة الحكماء حيث يعتبر مجالسة هؤلاء حياة للعقول وشفاء للنفوس ، وينتج عن ذلك إنسانٌ متّزن منضبطٌ تتحرك أجزاؤه وفق معايير وقواعد، وتكون الحركة بطبيعة الحال باتجاه الخير بالطبع .
بحث نقولا ابو فيصل ✍️
Write a comment