· 

بين عهد المتصرفية والارمني الذي حكم لبنان

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء ٤
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء ٤


كلمة "دفرونميا" هي إختصار الحروف الاولى لأسماء المتصرفين العثمانين الذين حكموا لبنان بين الاعوام  ١٨٦٤ الى ١٩١٥  وأولهم داوود باشا ، فرنكو باشا ، ‏رستم باشا، واصا باشا ، نعوم باشا، مظفّر باشا ، يوسف باشا "ونيال من له مرقد عنزة في لبنان" هو مثل اطلق خلال فترة المتصرفية التي أمتدت على مدى خمسين عاماً ، وكان ختامها   لمتصرف ارمني أسمه أوهانس باشا قيومجيان آخر المتصرفين الذين حكموا لبنان ، وكان قد شغل في الدولة العثمانية منصب وزير المالية 1897- 1908 ومنصب النائب العام لوزارة الشؤون الخارجية 1909-1913 وكان وقتها للدولة العثمانية أكثر من 15 سفيراً وقنصلاً من أصول أرمينية .


اوهانس باشا قيومجيان خدم لبنان أكثر مما خدم حكام إسطنبول ، لذلك استغل جمال باشا وضع الحرب العالمية الأولى فأخذ يضايقه ، وكان أوهانس باشا قد ترعرع في ارمينيا في عائلة عريقة وتلقى علوماً عالية ، وكان مثالاً في التربية والاخلاق والشعور الصادق بالانسانية ، كما لا بد من الاشارة الى الدور الوطني الذي لعبه أوهانس قيومجيان باشا بتخليص شباب لبنان من الخدمة العسكرية والنهاية الحتمية المأساوية لهم في السخرة ، حيث قام بأصدار بطاقات هوية لبنانية  لاثباتها لدى العسكر العثماني لعدم اللحاق بهم بالحرب وتم توزيعها على الأقضية ، كما تميز عهده بانتشار والعلم والثقافة بين اللبنانيين ، وانتشرت المدارس في جميع القرى والمدن ، وتم افتتاح أهم جامعات الشرق الأوسط وأعرقها، ألا وهي الكليّة السورية الإنجيلية التي أصبحت الجامعة الأمريكية في بيروت، وجامعة القديس يوسف ،


وبينما كانت بيروت وقتها خارج نظام متصرفية جبل لبنان وكان متصرفها عثمانياً ، كان متصرف جبل لبنان تعينه الدول الأوروبية بالتفاهم مع الدولة العثمانية ، وكان من المألوف أن يهرب بعض الملاحَقين من جبل لبنان الى بيروت وبالعكس ، وعند وفاة متصرّف لبنان واصا باشا الألباني تم دفنه في الحازمية وكان قد اشتهر عنه  فساده المالي ، وأثناء مراسم الدفن وقف الشاعر تامر الملاط الذي كان واصا باشا قد عزله من منصبه بتهمة تسريب أخباره للصحافة ، وفيما هو يرثيه أنشد قائلاً  : "قضى ووراؤه الثرى فأجبتهم وأنا الخبير بذاتِهِ رنّوا الفلوس على بلاط ضريحه وأنا الكفيل لكم بردّ حياتهِ"  ثم هرب باتجاه بيروت حتى لا تلاحقه سلطات متصرفية جبل لبنان آنذاك، التي أصدرت أمراً بملاحقته.

بحث نقولا أبو فيصل ✍️