· 

بين كتمان علة… والموت فيها


اذا كان كتمان الشعور هو علة النفس ،  فالشوق ايضاً هو علة الكتمان ، وفيما أُصارعُ افكاري ومشاعري ونفسي بعد أن أدركت بأنني ظلمت ُنفسي عندما أجبرتها على كتمان ما كانت تشعر به ، وأدركت ايضاً بأنني لا أستطيع البكاء مهما حاولت , وصرت أشعر أن قلبي يؤلمني بشدة وكأن به علةً ، واذا كان الصمت علة فأن أكثر الأشياء إرهاقاً للنفس هو كِتمان ما نحن بحاجة لقوله , وكم من قلوب قتلها الصمت ، وكم من علة نبتت من كتمان !!


صادفت في حياتي أشخاصاً أصحاب قلوب بيضاء نقية ، لا تحب كتمان أي شيئ ، وحين كان هؤلاء لا يجدون من يشتكون إليه او " الفضفضة" أمامه كانوا يتجهون لأقرب كنيسة أو مزار يقفون امامه ، يشتكون عل الله يسمعهم وبذلك يفرغون كل الشحنات السلبية ،وكنت أرى دموعهم تنهار فرحاً بعد أن يسلموا أمرهم لله ، ويبدو  أن عدم التعبير عما يكتم به القلب من تنفيس او اعتراف لطرف اخر او معالجة الجراح المكتومة ، فأن ذلك  يدمر النفس ، وأن افراغها او التسليم بها لمشيئة الله هو من افضل الحلول للاستمرار في الحياة.


كما وجدت أن الكتمان أشبه بالنزيف الداخلي لا يلاحظه أحد لكن ألمه يرهق صاحبه ،ونسأل الله أن يعين قلباً باتَ الكتمان شهيقهُ وزفيرهُ ، وفي الخلاصة يبدو أن لا أحد يشعر بما تشعر به أنت صديقي القارئ حتى لو أمضيت ساعات تشرح لهم شعورك وما تمرّ به ، فهم لم يلمسوا قرارة قلبك ولم تصلهم حرارة دموعك ، لذلك إياك أن تلجأ الى صدور الناس لتنفض عن نفسك غبار الكتمان فصدورهم أضيق من أن تتحمل زفراتك ، وليكُن الله ملاذك يحلّ على صدرك الاطمئنان.

نقولا أبو فيصل ✍️ ‏