· 

بين الخوف من الغربة … والغربة في الوطن

من مشاريع غاردينيا الزراعية في ارمينيا
من مشاريع غاردينيا الزراعية في ارمينيا


من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا اكتب "جزء ٣‏

 في أحد الايام قال لي صديقي ممازحاً;”لدي رغبة في تذوق مرارة الغربة خارج البلاد فقد أصابني السكري من حلاوة الوطن“وبدون تردد إستعرت من جبران خليل جبران مقولته الشهيرة "شيئان يغيران نظرتك للحياة المرض والغربة" ورحت اخبره عن حياة اللبنانيين الذين التقيتهم في الغربة والتكريم الذي حصلوا عليه هناك فيما نحن في لبنان ينكل بنا ، وهكذا وبعد ثلاثة سنوات من حرب تجويع اللبنانيين في وطنهم اقتنع من حولي أنه أنتهى الزمان الذي كان فيه الاهل يخافون على اولادهم في الغربة وأصبح الابناء في غربتهم يخافون على اهلهم في الوطن !


في روايته "الجهل" كتب كونديرا أن "عوليس التائه" فضّل العودة الى المنزل رغم حلاوة الحياة التي كان يعيشها في الغربة ويضيف : "العودة هي المصالحة مع الحياة والنهاية التي يجب أن تكون في الوطن عكس المغامرة التي لا تطمح لأي نهاية .” وبدوره الإمام علي بن ابي طالب قال "لا تفرح بسقوط غيرك فإنك لا تدري ما تضمر لك الايام" وهذا الكلام برسم بعض اللبنانيين الذين يعيشون في الغربة والغير مهتمين بمساعدة اهلهم في لبنان والذين يعتبرون الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة ،وكثيرون منهم ربما لا يفهمون ان اللبنانيين المقيمين ومن خوفهم على خسارة الوطن فأنهم يعيشون الذل في لبنان ويرفضون حياة الغربة ويرددون في صلاتهم الصباحية والمسائية ليسمع "راكبي الكراسي" أن دولة الباطل ساعة ودولة الحق الى قيام الساعة ولك يوم يا ظالم .."


 شخصيًا لقد داهمتني الغُربة في حضن الوطن بعد وفاة والدي مطلع السبعينات ،  وحينها لمسني جمرُ الصقيع ‏في دهشة وكأنه عالم الغربة ولكن أحساسي بدفئ أمي في طفولتي جعلني أشعر أن الدفئ الذي كان بين أصابعَ يديها هو دفئَ إحتضان الوطن لي  ولم أهاجر ….وفيما علمونا ونحن صغارًا "يلعن أبو الغربة " اقول لهم ونحن كبارًا "يلعن أبو الاوطان" التي لا تحتضن ابنائها بسبب سوء ما أنجبت من حكام !

 

نقولا أبو فيصل ✍️ ‏

Write a comment

Comments: 0