تقرير اليونسكو الجديد يتحدّث عن ضعف وضعية المعلمين المهاجرين في دول الخليج جرّاء التغيّرات الطارئة على السياسات التعليمية

يضيء التقرير العالمي الجديد لرصد التعليم الصادر عن اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) على الإنجازات والإخفاقات لجهة ضمان حق الطفل المهاجر واللاجئ في الاستفادة من جودة التعليم، وهو حق يصبّ في مصلحة المتعلمين والمجتمعات التي يعيشون فيها على السواء. وإذ يبيّن التقرير حجم هجرة المعلمين من البلدان العربية إلى دول الخليج، يحذّر من حالة الضعف التي يعاني منها هؤلاء المعلمون بسبب التغيّرات الطارئة على السياسات التعليمية، والرامية إلى إعطاء الأولوية للمدرسين الناطقين باللغة الإنكليزية.

يشكّل المهاجرون الغالبية الساحقة من المجتمعات في دول الخليج، بما فيها الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة، حيث يشغلون نسبة 14% في البلدان ذات الدخل المرتفع و1.5% في البلدان ذات الدخل المتدني والمتوسط. وتشمل هذه الظاهرة هجرة عدد كبير من المعلمين لأسباب تعود جزئياً إلى مغريات الرواتب العالية. ففي قطر، شكّل الأجانب من جنسيات عربية نحو 87% من الجسم التعليمي لكافة المدارس الحكومية في العام 2013. وفي الإمارات العربية المتحدة، كان 90% من الطاقم التعليمي في المدارس الحكومية للصبيان و20% من معلمّي مدارس البنات أجانب من جنسيات عربية في العام الدراسي 2010/2011.

رغم تقلّص فرص التعليم بالنسبة إلى المعلمين العرب مع الوقت، لم يتوقف هؤلاء عن الهجرة لكنهم أخذوا يواجهون تحديات جمّة، اقتصادية وغير اقتصادية. وفي هذا الإطاء، يتحدث التقرير عن ظروف العمل غير المستقرة والتمييزية التي يعانون منها وعدم حصولهم على عقود عمل طويلة الأجل، ما كان يتسبّب بإضعاف وضعيتهم ويجبرهم على إعطاء دروس خصوصية لدعم رواتبهم. وقد كشفت دراسة حول طلاب الصف الثاني عشر في الإمارات العربية المتحدة أنّ 65% منهم تلقّوا دروساً على يد مدرّسين خصوصيين، 65% منهم كانوا مصريين و29% من بلدان عربية أخرى.

وكانت سياسة تعديل المناهج الدراسية التي شهدها العام الدراسي 2010/2011 تمهيداً لاعتماد اللغة الإنكليزية كلغة التدريس بحلول العام 2030، قد أحدثت تحوّلاً مفاجئاً في السياسات المرعية تجاه المعلمين الأجانب، إذ تمّ استبدال المعلمين المصريين والأردنيين في المدارس الإماراتية بآخرين ينطقون باللغة الإنكليزية. وقد جرى استخدام هؤلاء وفق شروط عمل مؤاتية تخوّلهم الحصول على امتيازات كثيرة. في المقابل، تحدّث معلمون أردنيون في الإمارات عن التمييز في الرواتب وغياب الدعم.

"المعلمون هم بشر لا آليات"، يقول مانوس أنتونينز، المدير المعنيّ بالتقرير العالمي لرصد التعليم. لذا "يجدر اتّباع إجراءات تنظيمية أكثر صرامةً لحماية المعلمين من التحولات المتسارعة في سياسات التوظيف. ويجب توظيفهم في المدارس وفق الشروط الموعود بها".

غالباً ما يترك المهاجرون ذوو المهارات العالية المنطقة للحصول على منح دراسية. ويُعدّ طلاب المملكة العربيةالسعودية من بين أكبر خمس مجموعات طلابية دولية في الولايات المتحدة، حتى أنّ المملكة أطلقت برنامج الملك عبدالله للمنح الدراسية في العام 2005 من أجل تمويل الدراسة في الخارج. لكنّ التقارير الصادرة في العام 2016 تشير إلى أنّ البرنامج سيعمد إلى خفض الميزانية المخصصة لهذا الغرض وتقييد معايير الأهلية الأكاديمية المطلوبة وميادين الدراسة والجامعات المؤهّلة، في خطوةٍ من شأنها أن تغيّر تلك التدفقات.

إذا كان المهاجرون يقصدون دول الخليج لدواعٍ اقتصادية في أكثر الأحيان، فلا يغفل التقرير عن الأسباب الأخرى بل يشير أيضاً إلى المتطلبات التعليمية للاجئين في باقي بلدان العالم. ويشيد ببعض بلدان غرب آسيا كالأردن ولبنان وتركيا للسياسات التعليمية الشاملة التي انتهجتها تجاه اللاجئين السوريين، خاصةً وأنّ تلك البلدان تستضيف نحو ثلث اللاجئين في العالم. وكانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهتها قد أصدرت مرسوماً يفرض على المدارس قبول جميع الأطفال الأفغان بغض النظر عن وضع أوراقهم الثبوتية.

 

يرفع التقرير التوصيات التالية:

  • حماية حق المهاجرين والنازحين في التعليم.

  • إلحاق المهاجرين والنازحين بنظم التعليم الوطنية.

  • تفهّم الاحتياجات التعليمية لدى المهاجرين والنازحين، وإعداد الخطط الملائمة لها.

  • التحدث بدقة عن تاريخَيْ الهجرة والنزوح في مواد التعليم لتبديد الأحكام المسبقة.

  • إعداد المعلمين الذين يتعاطون مع المهاجرين واللاجئين لاستيعاب تنوّعهم ومعاناتهم.

  • الاستفادة من طاقات المهاجرين والنازحين من خلال اتفاقات الاعتراف بالمهارات والمؤهلات.

  • دعم الاحتياجات التعليمية لدى المهاجرين والنازحين في مجال المعونة الإنسانية والتنموية.

 

Write a comment

Comments: 0