· 

لم الشمل

بقلم: براهيم حنصال، الجزائر العاصمة  


يا مرحبا بالهالة على مر الزمن، وبالإبداع في كل مكان، ولفناني هاته الأرض المحروسة الزيرية، بأفعالهم تدرك المطاميح المُرَوسة، تسامت قبة الأخُوة وتعالت قمة النَخوة، من سماء الرُقي إلى أرض الأمازيغ... نُحِتَ نثر التراث، وَعُزِفَ وتر الأثار، وَ هَللت نافِرة الحضارة عبر نافذة تاريخ الجزائر.  


معنا في هذ الجسر الثقافي الفني المتميز،  السيدة فضيلة رويبح، أمين عام الجمعية الولائية "هالة للإبداع" للثقافة والفن بالجزائر بني مزغنة، حيث كشفت لنا في لقاءها معنا، العديد من المفاجآت والإنتاجات. وكان في بداية حديثها الأنيق، أن "الجزائر، بلد الحرية، القارة" كما وصفته بلِسانها، والذي يزخر بمقومات وطاقات إبداعية مُمتازة ذات مستوى عالي وجودة مُتميزة، في لمسات دافئة وهمسات رافئة، تخلق جو ورشات متناسقة، في شمل الفنون السبعة في لوحة واحدة، مُؤكدةً أن هاته الأخيرة، الفن الرابع، تحديداً يساهم بشكل أو بآخر في ترقية وتطوير المجتمع من خلال صناعة فنية مُرْبِحة، وأنها تبقى كَرِهان قوي في المستقبل كبديل عن النفط والغاز، تقابل نظيراتها من السياحة والخدمات. 


ولدت الجمعية من رحم عشق مؤسسيها للفنون والثقافات اللامحدودة، ففضيلة الكاتبة تتحدث من كل قلبها، على نواياها الحسنة تجاه تحسين ظروف قطاعي الثقافي والفني بالبلاد،  واستراتيجيتها نحو ترقية هذا النوع من الترفيه و الصناعة للأفضل، إيماناً منها ومن المبدع المخرج براهيم حنصال ، بأهمية العمل الجمعوي الهادف، وكذا ترقية وتطوير المجتمع وتصحيح المفاهيم المتعلقة بالثقافة والفن، "وما حفزنا أكثرا، وهو الميدان الذي تعمل عليه الجمعية، خاصة أن الجزائر يزخر بتراث مزخرف تجعل منه بلد "فيسفاء" بامتياز. 


وجاءت فكرة مشروع الورشات السبعة،  من قِبل الأستاذين براهيم حنصال وفضيلة رويبح، إيماناً منهما بأهمية العمل الجمعوي النَشط، وما حفزهما أكثر، أن بلدهما الجزائر تزخر بتراث تاريخي وسياحي و موروث ثقافي فني، تجعل منه محطة إنتاج صناعي فني مُتكامل؛ وبلوغها درجة المساهمة الجوهرية في التنمية المحلية وإنشاء مشاريع حيوِّية وصفقات مُدوِّية وخلق ثورة إنتاج ورفع ثروة مداخيل، من خلال تنظيم دورات تكوينية في الفن الرابع والسابع لإنجاح برنامج الترويج والتنفيذ عن طريق إنجاز مشاريع أحادية التجسيد أو مشتركة مع دول المجلس الخليجي بالأخص، إلى جانب إحياء مهرجانات محلية، وطنية ودولية توقفت في وقت سابق.


كما تم تسطير في جدول أهدافها، عَقد مع شركة إنتاج خاصة لتنفيذ أجندة مشاريع مشتركة داخل الوطن، وَ تعمل الجمعية حاليا، على إعداد خطة مدروسة مبنية على قطاعات رئيسية هي: الثقافة والفن، الشباب والرياضة، السياحة والتراث والآثار، البيئةو الطاقة البديلة، بُغِيَة توحيد المسار الصناعي الفني بالجزائر. كما أنها ستعمل على السير بشكل منهجي ومتوازٍ في القطاعات المختلفة تحقيقا لرؤيتها ورسالتها وأهدافها، وتلبية لحاجة المجتمع المحلي، وستعمل في سبيل تحقيق هذه الرؤية بالتواصل مع المؤسسات الرسمية في الدولة ومع المؤسسات الإقليمية من خلال العمل التشاركي والتوأمة.


وبِرعاية ودعم من الديوان الوطني لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة "ONDA"، وبمساهمة كلا من مديرية النشاطات الثقافية و مديرية الشباب والرياضة لولاية الجزائر، وبالتنسيق مع المركز الثقافي"عيسى مسعودي" بحسين داي بالجزائر العاصمة، نظمت جمعية "هالة للإبداع" النسخة الثانية من تظاهرة "سبع ورش في سبع أيام"، والتي حملت شعار" لم الشمل". والتي صنعت الحدث من خلال تنوع الورشات،  من ورشة الكتابة و النص، التمثيل، السينوغرافية بفروعها، إلى الإخراج بتأطير أساتذة مختصين وذات صيت في المجال. حيث صرحت السيناريست نزيهة بلقاسمي، المكلفة بورشة النص و الكتابة، أنها حضيت بفرصة تكوين شلة من الشباب الراغب في الولوج إلى عالم كتابة النصوص و السيناريو، حيث كان برنامج اليوم الأول، تقديم داخلات وفتح نقاشات للحاضرين في المشروع الأسبوعي، حيث صرح الأستاذ المُحاضر عيسى لكحل،  الذي أشرف على مدخل "الفن وعلاقاته بالسياحة"،  كما اضافت نزيهة بلقاسمي، شق اهمية الورشات في ترقية الوعي الإجتماعي،  و ختم المداخلات الأستاذ براهيم حنصال (سيناريت ومخرج) شروحات مفصلة حول أبعاد الورش في الحلقة المغلقة الإبداعية لإنتاج مادة فنية مصنعة. 

طاقم شامل و متكامل عمل على مدار أسبوع، حيث أختمت "هالة للإبداع" أيامها بعرض مسرحي حمل عنوان "الملك الفضي" وهو نتاج عمل جماعي بين الأساتذة الثلاثي: براهيم حنصال،  فضيلة رويبح و نزيهة بلقاسمي. عمل مسرحي متناسق بمناسبة الاحتفال ب"يناير" أول يوم في السنة الأمازيغية، وقَصِ الأسطورة التاريخية العظيمة، الملك "شيشنغ"  أو "شيشناق" واعتلاءه عرش الهرم الفرعوني حوالي 950 قبل الميلاد بعد محاربته الظلم والاستبداد آنذاك، معلم تاريخي وحقبة فولاذية من تاريخ البلاد،  حيث شيدت سلطات البلاد نصبا لهاته الشخصية "تمثال" عام 2021 بمقاطعة تيزي وزو، شرق العاصمة الجزائر. وأردف برنامج الجمعية محاضرة مفصلة حول الذكرى وعامها 2973، من تقديم الأستاذ الفنان،  عبد الحميد رابية،  تحت عنوان "ينايِّر الإرْث... منبَّر لِلَم شمل الأمة". 


لقاء مُهَنْدَس جمع الفنانين العاصميين وحتى أبناء الجوار، بتوزيع لشهادات مشاركة وتكريمات خاصة حضيت بها النخبة المُبدعة، أمثال: المخرج براهيم حنصال، السينوغرافية فضيلة رويبح، الكاتبة نزيهة بلقاسمي، وكذا رؤساء الجمعيات التي واكبت التظاهرة من خلال الخيم الحِرَفية و الفنية في البهو الداخلي والبهو الخارجي للمركز الثقافي. كما أعلن مسؤولو جمعية "هالة للإبداع" عن الإستعداد لإنجاز الطموحات المُستقبلية وإحتضان تظاهرات أكثر إستقطاباً تحت مظلة الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المُجاوِّرة، و مرافقة كلا من مديريتي الثقافة و الشباب لولاية الجزائر العاصمة، فهالة الإبداع ستَبقى تُضيءُ المكان وتَصيء على مَرِ الزمان.

Write a comment

Comments: 0