· 

بين نعمة العدل ونعمة الحكمة وبهلول المجنون

من سلسلة كتب " عن لبنان لماذا أكتب" جزء 5
من سلسلة كتب " عن لبنان لماذا أكتب" جزء 5


حدث يوماً في عهد هارون الرشيد أن أشتكى أحد المواطنين على فقيرٍ يشم رائحة الشواء امام حانوته ، واراد من القاضي شوريح شريح ان يحكم له بدفع الثمن ، فتدخل بهلول عمرو بن ذهب أعقل المجانين وهو عالم كبير وقام بحل القضية بعد أن استئذان القاضي وهو يستمع للمدعى عليه يقول : يا سيدي القاضي كنت أمشي في طريقي أحمل رغيفاً من الخبز فمررت بدكان هذا الرجل وكان يشوي لحماً فاستوقفتني رائحة الشواء فأخذت أقتطع من الرغيف وأمرره في الرائحة وآكله حتى اذا أردت الانصراف أمسكني صاحب الدكان وطالبني بثمن الرائحة،  أهذا عدل يا سيدي ؟


في هذه الاثناء تدخل بهلول قائلاً  لصاحب الدكان : الجزاء من جنس العمل كم تريد ثمناً للرائحة ؟ أجابه خمسة دراهم يا سيدي ،اخرج بهلول خمسة دراهم ورماها ارضاً فأصدرت رنيناً فقال بهلول :أسمعت ذلك الرنين يا صاحب الشواء اجابه : نعم  يا سيدي قد سمعته ،فقال بهلول : ذلك الرنين ثمن تلك الرائحة ، لقد أكل بأنفه وها أنت قد أخذت أجرك بأذنك !فضحك القاضي وقال لصاحب الدعوى : وهو كذلك !! أنت شممت ولم تأكل وهو سمع ولم يقبض !!!


 وحيال ما نشهده من "مسخرة" في عمل القضاء اللبناني في زمن الانهيار ، أستذكر ما قاله تشرشل اثناء الحرب العالمية الثانية ‬⁩:"أهون أن نخسر الحرب من أن يخسر القضاء البريطاني هيبته" وعندما انتهت الحرب اخبروه عن الدمار الذي لحق بالمؤسسات والمباني في بريطانيا فسألهم ماذا عن القضاء اجابوه "ان القضاء بخير فقال لا تخافوا فأن بريطانيا‬⁩ بخير" واختم مع بهلول الذي اكرمه هارون الرشيد بجائزة يوماً فأجابه: لا حاجةَ لي بها ورفَع نظره إلى السماء، وقال: أنا وأنت تحت رحمة الله ومن الصعب  أن يذكرَك ويَنساني  ، ونتضرع الى الله ونسأله  ان لا ينسى شعب لبنان ويحفظ العدل في القضاء  اللبناني ، وأن يرسل لنا بهلولاً حكيماً يحل ازمتنا المالية التي تفاقمت كثيراً 

نقولا ابو فيصل ✍️

Write a comment

Comments: 0