عودة إلى القيَم بضحكة راقية ونظيفة

يشكّل إطلاق فيلم "عَ مفرق طريق" للمخرجة لارا  سابا في دور السينما اللبنانية في 15 كانون الأول "قصيدة بصرية" تُبرز "لبنان الجمال" نقيضاً "لبشاعة الزمن"،  وتوفّر هذه الكوميديا النظيفة والراقية والعفوية، بقصتها الرومانسية،  فسحة من التفاؤل يحتاج إليها اللبنانيون، فضلاً عن أن هذا الشريط البسيط والناعم والذكي والمُفرِح الذي "يتوجَه إلى العائلة بأكملها وإلى جمهور من كل الفئات العمرية"، يحضّ "بأسلوب طريف بعيد من الوعظ" وبواسطة الضحكة، على العودة إلى الطبيعة وإلى مجموعة قيَم منها بساطة الحياة، معتمداً على "شخصيات محببة وقريبة من القلب" تجسّدها نخبة من الممثلين.

وسبقت انطلاق الفيلم محلياً ثم عربياً وفي عدد من الدول الأجنبية مشاركتُه ضمن فئة "روائع عربية" في الدورة الثانية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في مدينة جدة السعودية بين الأول من كانون الأول إلى العاشر منه.

ويتناول الفيلم الذي أنتجته "واكاندا فيلمز" وART  وحظي بدعم المركز الوطني الفرنسي للسينما (CNC قصة ممثل لبناني مشهور  يتنافس مع ممثل إيطالي على تولّي دور البابا عندما كان شاباً في فيلم عالمي. واستعداداً للقاء الحبر الأعظم الذي سيختار أحدهما لتجسيد شخصيته، يتوجه إلى قنوبين للابتعاد عن ضوضاء حياته، فتقوده المصادفة إلى قضاء عزلته في دير للراهبات، يلتقي فيه فتاة جذّابة، فتبدأ سلسلة مغامرات طريفة تعيد هادي إلى بساطة الحياة وجوهرها وتضعه أمام خيارات ستغيّر مجرى حياته.

 

سابا

وأوضحت سابا أن "عَ مفرق طريق" الذي تتولى توزيعه شركة "سيدرز آرت بروداكشن" (صبّاح إخوان)، يقدّم في قالب كوميدي رومانسي مسلّ وجذّاب وبعيداً من البكائيات فسحة من الجمال تشكّل نقيضاً لبشاعة الزمن الحالي، يحتاج إليها المجتمع اللبناني في ظل الأزمات القاسية التي يعيشها، ويوفّر مشاعر إيجابية تخرق اليأس السائد".

واضافت أن "عَ مفرق طريق"،  وهو كوميديا رومانسية من كتابة جوزيفين حبشي ومن بطولة شادي حداد وجوليا قصّار وبيتي توتل وميرنا مكرزل وسينتيا كرم وربى زعرور، يعكس "بالضحكة، من دون وعظ ولا تنظير"، حاجة الإنسان "في كل مكان، للعودة إلى الطبيعة وبساطة الحياةـ، وإلى الانفتاح على الآخر، في عالم يبتعد عن هذه القيم".

وأبرزت أنه "فيلم مُفرح، يبعث لدى مشاهده شعوراً لطيفاً، ونوعاً من التفاؤل، ويوفّر مادةً لإعادة النظر في نمط الحياة".

واشارت إلى أن فيلمها الذي تشارك فيه أيضاً نخبة من الممثلين كرفعت طربيه ونقولا دانيال وهيام ابو شديد وجوزيان بولس وعماد فغالي وشربل زيادة، "يطرح هذه القضايا البالغة الأهمية وسواها بواسطة كوميديا من مستوى فنيّ راقٍ، وفي الوقت نفسه في متناول كل فئات الجمهور"، و"يتمتع بكل المقوّمات التي تمكّنه من جذب المشاهدين إلى صالات السينما".

وقالت: "من خلال تصوير الفيلم في قنوبين ، بطبيعتها الأخّاذة والنقية من أي تلوّث، سعينا إلى إظهار لبنان الآخر، (...) لبنان الجميل الذي لا يزال موجوداً".

وإذ وصفت وادي قنوبين بأنه "شخصية رئيسية" في الفيلم إلى جانب "نخبة الممثلين الرائعين الذين تولوا أدواره"، أوضحت أنها شاءت هذا العمل "قصيدة بصرية بأسلوب مَرح وعفوي، مستندة على قصة حب جميلة وشخصيات جذّابة".  

حبشي

أما كاتبة السيناريو جوزيفين حبشي فرأت أن "عَ مفرق طريق" هو "لبنان الجمال، الاصالة، الجذور، الأرض، مواسم الخير، الطيبة، السلام الداخلي"، واضافت: "كلها قيم لا نريد أن نضيع عنها خلال مشوارنا على دروب الحياة". وشددت على أن الفيلم "هو مجموعة قيم ومبادئ، بدأنا نفتقدها في مجتمعنا الاستهلاكي، والفيلم يعيدنا إليها، بأسلوب طريف ورومانسي، بعيد من الوعظ". 

 

حداد  

ورأى شادي حداد  الذي يؤدي دور هادي، وهو الشخصية الرئيسية التي يتمحور عليها الفيلم، أن "عَ مفرق طريق" يتوجه "إلى العائلة بأكملها وإلى جمهور من كل الفئات العمرية بفضل حبكته الجميلة". وأشار إلى أن الفيلم "يُظهر أهمية ان يعود الانسان الى بساطة الحياة و الى جوهرها". وأضاف: "هو فيلم لبناني لكنّه يحاكي كل المجتمعات على صعيد نمط الحياة المتسارع وصخبها، وكم مهم ان ينسى الفرد كل هذا الصخب من حوله  وان يهرب  بحثا عن ذاته"، كما فعل هادي نجم. وتابع قائلاً: "يعيدنا الفيلم الى القيم والتقاليد التي باتت تتلاشى في كل المجتمعات وفي كل الدول". وأشار إلى أن "هدف الفيلم ان يقدّم صورة جميلة عن لبنان رغم الازمات التي شهدها ويشهدها،  ورغم كل شيء لا يزال بلداً جميلاً".

 

قصار 

وقالت جوليا قصار التي تجسّد شخصية "الأم باولا" إنها أحبّت "بساطة هذا الفيلم" حين قرات السيناريو، فهو "بسيط للغاية، وذكي للغاية، وشخصياته محببة وقريبة من القلب". ورأت  أن "ثمة حاجة كبيرة لأفلام بسيطة، من القلب الى القلب، لا عنف فيها ولا فذلكة". ولاحظت أنه "فيلم فيه الكثير من الحب، من الكتابة الى التمثيل الى الاخراج، وانعكس ذلك على نتيجة العمل". واشارت إلى أن "هذه الكوميديا الرومانسية لا تقتصر على قصة حب، بل فيها مواضيع اخرى تمسنا في زمن لا تَواصُل فيه، وشهد كوارث، وانعدمت فيه القيم الانسانية. ويعيد هذا الفيلم المشاهد الى إنسانيته". ولاحظت أن "فيه نفساً شاعرياً".

 

توتل

أما بيتي توتل التي تؤدي دور الأخت ماري  برنار، فلاحظت أن "ما يميز هؤلاء الراهبات، بمزاياهن وضعفهن، هو  إنسانيتهن"، مبرزةً أهمية "هذا الجانب الروحاني لهذه الشخصيات، فلأنها قريبة من الله تتجلى انسانيتها الإيجابية، وحتى نقاط ضعفها لا تؤذي". 

وإذ اعتبرت أن "في السيناريو الكثير من الحب"، وصفت "عَ َمفرق طريق"  بأنه "كوميديا نظيفة فيها رقيّ وقيَم مرتبطة بالامور الحياتية التي فقدناها منذ زمن، لاننا نعيش في مجتمع استهلاكي  وسريع يريد ان يحرق المراحل". وأضافت أن "ما يميزه ايضا انه كوميديا عائلية، ويغيب هذا النوع عن الشاشة ايضا منذ مدة، وليس فيه مضمون مبتذل أو مسيء للعين والاذن أو يستخف بذهن المشاهد". وختمت: "إنه  فيلم محترم ويفرض احترامه من خلال شخصياته الظريفة جداً".

 

مكرزل

ورأت ميرنا مكرزل (في دور الأخت غابي) أن ما يميّز "عَ مفرق طريق" أنه "موجّه إلى العائلة كلها، وكل من يشاهده سيبتسم طوال الفيلم وسيخرج منه مبتسما". واضافت: "هو يعيدنا الى الطبيعة والى مناظر لبنان الجميلة".

 

كرم

ولاحظت سينتيا كرم التي تؤدي دور الأخت سيليستين أن "حضور الراهبات اعطى نفحة مشرقة  للفيلم"، مشيدة بالصورة "بألوانها الجميلة جداً".  ووصفت الفيلم بأنه "ناعم"، مشددة على الحاجة "إلى هذا النمط من الأعمال السينمائية التي يمضي معها المُشاهِد وقتا مسليا في ظل ثقل الظروف" الراهنة.

 

زعرور

واعتبرت ربى زعرور التي تؤدي شخصية سيلين التي تركت نمط حياتها السريع في فرنسا حيث كانت تعمل في شركة كبيرة لتحاول ان تجد نفسها  في قنوبين أنه "فيلم بسيط لكنه يحمل رسالة مهمة، إذ يُبرز اهمية الطبيعة في حياتنا وأهمية العودة الى الحياة البسيطة". وقالت: "صورناه في فترة انتشار وباء كورونا  عندما انعزل الناس و بدأوا يبطئون ايقاعهم وعادوا الى ذواتهم (...) وأدرك كل واحد على طريقته، أن الحياة ليست متعلقة بالشهرة والتنافس والماديات، وأن الطبيعة تقدم لنا الحياة ببساطتها". ورأت أن الفيلم "يدور في اطار كوميدي لكنه يحمل معاني عميقة و مطعّم بالرومانسية، الرومانسية ليست بمعناها المعروف كالحب من اول نظرة او الشكل الخارجي للشخص الذي نغرم به عادة، بل كرحلة بحث عن الذات، وتواصل فكري، بحيث يساعد كل طرف الآخر لتحقيق هدفه في الحياة".

 

 

التمويل

وشكّل تمويل لهذا الفيلم تحدياً، لوقوع إنتاجه خلال مرحلة جائحة كوفيد-19، ثم ماساة انفجار مرفأ بيروت،  إضافة إلى الانهيار الاقتصادي الذي جعلَ  تأمين الموازنة أمراً بالغ الصعوبة.

ولم تقتصر الصعوبات على التمويل، بل أعاقت الظروف التصوير نفسه، إذ توقفَ مرتين ، بعد كارثة 4 آب، وبسبب إصابة عدد من أعضاء الفريق بفيروس كورونا، مما استلزم إعادة التصوير، ورتّبَ زيادة النفقات. 

Write a comment

Comments: 0