· 

بين الاقتراب والابتعاد … حاجة وضرورة


لا يُمكن للقنافد أن تقترب بعضها من بعض فالأشواك التي تُحيط بها تشكل حصناً منيعاً من أعدائها ومن أبناء جنسها ، فإذا أطلّ الشتاء برياحه وبرده القارس إضطرت القنافذ للإقتراب والإلتصاق ببعضها طلباً للدفء متحملة الأشواك والالم ، وإذا شعرت بالدفء إبتعدت حتى يعاودها الشعور بالبرد فتقترب مرة أخرى ، وهكذا تقضي ليالي الشتاء بين إقتراب وابتعاد ، والاقتراب الدائم قد يكلفها الكثير من الجروح ، والابتعاد الدائم قد يُفقدها حياتها .


كذلك هي حالتُنا في علاقتنا مع بعضنا نحن البشر ، فلا تخلو حياة الانسان من أشواك تُحيط به لكنه لن يحصل على الدفء ما لم يحتمل الشوك والألم ، ويعيش عمره بين أشواك تجرح وبُعد يؤلم وفراق لا نقدر عليه ، لذلك اصدقائي من أراد منكم صديقاً بلا عيب عاش وحيداً ، ومن أراد شريكاً بلا نقص عاش عازباً ، ومن أراد قريباً كاملاً عاش بلا أقارب ،فلنتحمل الاختلاف مع الآخرين حتى نعيد التوازن إلى حياتنا.


 لذلك إذا أراد الانسان أن يعيش حياته بسعادة  فلا يجب أن  يفسر كل شيء ، ولا أن يدقق في كل شيء  ، ولا أن يحلل كل شيء ، فالذين حللوا الألماس وجدوه فحماً ، كما يجب ان لا نحرص كثيراً على إكتشاف الآخرين والغوص في تفاصيل حياتهم ، وان نكتفي بالخير الذي يظهرونه في العلن وأن نترك الخفايا والنوايا للرب ، وصدق القائل "لو أطلع الناس على ما في قلوب بعضهم البعض لما تصافحوا إلا بالسيوف".

نقولا أبو فيصل ✍️