· 

بين ضرورات الاقتصاد ومحظورات السياسة

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء ٤
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء ٤


ينصح المحللون الاقتصاديون أن يصار الى تقييم الانعكاسات السلبية للمبادرات السياسية دون إغفال جدواها في السياسة، حيث ثبت أن أفضل السياسات يمكن أن يكون مصيرها الفشل ، وربما تؤدي إلى ردود فعل عنيفة ، بحيث يأتي العلاج أسوأ من المرض نفسه ، ويبدو الأمر منطقياً لو تم أخذ الواقع السياسي اللبناني وما تواجهه الحكومات المتعاقبة بعين الاعتبار وتم صياغة سياسات مالية واقتصادية بما يتناسق مع  الواقع ، حيث أنه من  المتعارف عليه أن الخيار الأفضل يعد بديلاً عن الإصرار على الخيار الأمثل الذي يؤدي بنا إلى حال أسوأ في نهاية المطاف ، وكما يقول المثل الشعبي"المثالية عدوة النجاح"


في ⁧‫لبنان‬⁩ الاستثناء أصبح قاعدة، وتم إتخاذ العديد من القرارات وفق محظورات طائفية وليس وفق ضرورات وطنية ، مما سجل سابقة تحولت الى قاعدة، وبدل إيجاد الحلول دخلنا في أزمات وصفقات وتسويات في بقعة جغرافية أسموها "جمهورية" وهي في الحقيقة ليست هكذا ، بل تعاقب عهود وإدارات فاسدة ، ولم  يكن  لبنان "دولة"بالمعنى الحقيقي في تاريخه بل كانت هناك سلطات تتناسل وتتوارث وتبايع الوصايات وفق مبدأ "مرقلي لمرقلك" وما من ضرورات ولا حتى محظورات، لكن المثير للعجب، هو كيف أن الاقتصاد اللبناني الذي يتمتع بثروات كبيرة مقارنة بحجم البلد من ودائع مصرفية أو توظيفات مالية وعقارية هو بحاجة اليوم لمدِّ يدِه طلباً للعون من البنك الدولي لانتشاله من هذا المأزق وهذه الأزمة؟


وفيما أعتاد المواطن اللبناني على التأقلم مع الوضع القائم ، ولا مفر من ذلك حتى بالهجرة القسرية لبعض افراد العائلة ، أو بلعنة الحكام صبحاً ومساءً ، فالمواطن لم يعد يسأل نفسه متى الفرج ربما لانه أعتاد حياة الذل ، أو أنه فقد الامل بالحلول الارضية وبات ينتظر رحمة السماء للخروج من المأزق ، كما انه صار يكتنز الشعور بالاطمئنان أياً كانت وضعية المؤشرات الاقتصادية وأياً كانت حراجة الوضعين الاقتصادي والمالي أو تأزمهما ، ومن نعم الله يسجل الاقتصاديون وجود عين ساهرة ويدٍ خفية تحول بلا شك دون تدهور الأوضاع والدخول في المحظور وتنقذ البلد بقدرة قادر كلما وصلت الامور  إلى شفير الهاوية.

نقولا ابو فيصل ✍️