· 

بين الجنة الوظيفية في الماضي والحاضر المرير

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا اكتب "جزء ٤
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا اكتب "جزء ٤


تخيّل أن يُقال لك وأنت في الوظيفة : "مكافأتك بعد التقاعد ثلاثين دولاراً شهرياً أي ما يعادل دولاراً واحداً باليوم ، بشرط أن تكون ذا سيرة حسنة في حياتك الوظيفية" وبالفعل هذا ما حصل مع الالاف من المتقاعدين في القطاع العام والسلك العسكري وغيرها من الوظائف العامة التي قضى أصحابها العمر بكل تفانٍ في خدمة هذه الدولة "المزرعة"  التي أكل حكامها الاخضر واليابس بعد انتقالهم من المتاريس الى القصور وتقاسمهم السلطة ، وصار الكلام عن هذه الدولة مكرراً مرات عديدة  ، والضرب بالميت حرام ….


في عز تقشف الثمانينات ورغم الانهيار الحاد لليرة اللبنانية وقتها امام الدولار الاميركي ، ورغم كل الاستقطاعات التي اقرتها الحكومات آنذاك في قطاعات عديدة ، وحدها المؤسسة العسكرية لم يتم التعرض لابنائها بأي استقطاع من رواتبهم بل زادتهم واعانتهم ، ولم تلغَ امتيازاتهم الوظيفية لانهم حماة الوطن ، وفي السياق ذاته نسأل : أليس المعلمون من حماة الوطن أيضاً من الجهل والتخلف ، وهل يعقل ان يكون المعلم صاحب اجر زهيد وهو الاب للاجيال الطالعة يفني العمر في سبيل  مهنة كان اسمها رسالة وصارت "عملاً بالسخرة "


في هذه الايام يبلغ حجم القطاع العام في لبنان ما يفوق 300 الف موظف مما يعني انتفاخاً في "توظيف المحسوبيات" ، وكان ذلك واضحاً وجلياً في الموازنات التي كانت تلحظ تقديمات سخية لموظفي هذا القطاع، وضعفاً في الواردات والالتزام الضريبي ،  وتغطية الخسائر الكبيرة في مؤسسة كهرباء لبنان بسبب سوء الادارة والاهمال في الجباية ،  وبلوغ الدين العام مستويات غير مسبوقة في تاريخ لبنان ، مما اعطى مؤشرات واضحة وقتها لما هو عليه الشعب اللبناني اليوم من ايام صعبة مالياً  ، على ان الحل حسب رأيي  هو بإجراءٍ لا بد منه وهو تقليص القطاع العام في لبنان الى 35 الف موظف مع الاخذ بعين الاعتبار تحوّل المصروفين من الوظيفة العامة الى معارضين لمن عينهم ، انما مصلحة الوطن تبقى فوق مصلحة اهل السياسة "وما بقى بدها مسايرة ".  

نقولا أبو فيصل ✍️