يبدو صار من الصعب عليّ في بعض الاحيان أن أعطي الاشياء تعريفها الدقيق ، وصرت أضيع في جلباب الصمت والسمع والازدحام وأخرج بذاكرة ونظرة جديدة للامور من منظور علمي وليس عاطفي ، ولكن إلى متى سوف أظل أتعلم في رحلة العمر هذه ؟ ولطالما ان الجميع يتكلمون في ما يعلمون وما لا يعلمون فما على العاقل هذه الايام الا إتخاذ وضعية الصمت والسمع اكثر من الكلام ، وهذا أفضل للانسان ولمن حوله لان الحكي "ما بقى يفيد"امام تحجر عقول المسؤولين وسخافة بعضهم خصوصاً ما رأيناه مؤخراً في مشهدية رجم مستعمرات العدو بالحجارة ، بدل الجلوس ليل نهار في الوزارات والعمل لتسهيل عبور شعب لبنان هذا المنعطف الخطير في تاريخه المعاصر
وهكذا اوافق كبارنا الذين اعتبروا ان الصمت وقت الإساءة حكمة ووقت الغضب قوة ، ووقت العمل إبداع ، ووقت الفوز ثقة بالنفس ، كما أنه وقت الحزن قبول بإرادة الله ووقت الاستفزاز يصبح الصمت انتصاراً ، ويصبح ادباً عند الاستماع الى نصيحة الناس، وهكذا فإنه عندما يصرُخ الشعب في وجه حكامه مُستغيثاً ، فيما هم في سُبات عميق وصمت مريب ويعتبرون ذلك أنه "شغل سفارات وعمالة "... فاعلم ايها المواطن المسكين أن آذان حكامك قد فسُدت وأن قلوبهم قد تعفّنت ، لكن الصمت الطويل يصبح مع مرور الوقت مثل سيف يقتل صاحبه
واذا كان بعض الكلام يرن في القلب لا في الأذن ، فهذا شيئ جميل ، لذا وجب على الانسان أن يروض نفسه على السمع ، فالاذن في القلب والقلب في الاذن يقول القديس أغسطينوس ، وفي الكتاب المقدس نجد في الرسائل التي أرسلها الرب الى الكنائس السبع في آسيا عبارة: أنا عارف أعمالك وتنتهي بعبارة "من له أذنان للسمع فليسمع" (مر4: 9، 23).لنصل الى تعداد 39 آية عن السمع في الكتاب المقدس ، وفي الاخير فأن جدلية المعرفة والخير تذكرني بما قاله سقراط عن أن الإنسان لا يفعل الشر مختاراً بل لجهله بالخير ، ومع أن هذه المقاربة تبقى دون مستوى المعالجة اللاهوتية لعلاقة الخير بالمعرفة والشر بعدمها ، إلا أن هذا الفيلسوف العظيم استطاع أن يربط بين العلم والخير، وبين الجهل والشر ، وانا من اتباع هذه النظرية . نقولا ابو فيصل