· 

بين اعتذار العاقل وتفلسف الاحمق ... كفى

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا اكتب" جزء ٤
من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا اكتب" جزء ٤


لا بد للإنسان العاقل والمثقف أن يكون له دور في رفض ما يرى أنه خطأ وفي تأييد ما يرى أنه صالح للمجتمع ، ويا ليت حكامنا سمعوا  للعقلاء حين تكلموا في شؤون الوطن ‏أو إنتقدوا ممارسات وسخاء مسؤول مالي رفيع المستوى في هندسات مالية فاشلة ، أو أنهم تنبهوا لخطأ هنا أو هناك بدل صم أذانهم لسنوات ، وفي الحياة فأن عدم الاستماع الى صوت عاقل اليوم سوف يتبعه فعل أحمق غداً ، ولو أن الإصلاحيين في التاريخ الذين نادوا منذ مئات السنين بفكرة  "المستبد العادل" عادوا اليوم إلى الحياة لقالوا فهمتونا خطأ كنا نقصد "المستبد العاقل"واذا كان العطار لا يصلح ما أفسد الدهر ، وإذا كان الانهيار المالي والاقتصادي في لبنان قد حصل في حاكمية "مستبد متهور" فهل هناك أمل في تصحيح  الوضع ووقف الانهيار بوصول "مستبد عاقل"؟


ورغم تغير القناعات من وقت لآخر، فإننا قد نرى رأياً صائباً في مرحلة من العمر ، ونعود نراه خطأً في مرحلة  أخرى لا سيما مع مرور العمر ، واكبر خطأ يقع فيه المواطن العاقل هو اعتقاده ان جميع حكامه طيبون مثله ، على أن مواقفي الثابتة في رفض الواقع الاليم والمعاكسة في رفض الخنوع وعدم قبول الواقع الاليم ولو بالكتابة كأضعف الإيمان لان كل ما أملكه هو قلم فقط فلا سلطة مؤثرة عندي للتغيير فعندما أفكر بسلطة العقل من موقعي وفق قناعاتي الوطنية الثابتة ارى أن صلة الرابط بين الأحمق والعاقل قد تكون شعرة أكثر رقة من شعرة ” معاوية ” وسحبها بالقوة تميل الكفة من جهة الى أخرى ، وحينها يبدأ الاصلاح


عملياً نحن نعيش اليوم"عقل القطيع ” المطيع في مواقفه وقدرته السريعة على النسيان والتناسي والتأقلم بكل ما يقدم لنا وهذا خطأ فرغم أن موقع الذئب هو أعلى النبع فهو يستمر بالادعاء أن الحمل هو من عكر صفاء الماء وعليه أن يعاقب ! .. فلا أنا مع الحمل في ضعفه ومواقفه المتصلة بالسلبية الطوعية، ولا أنا مع الذئب في ظلمه وزوره واستبداده السلطوي، لذا أدعو رجال الكنيسة الى التوقف عن مباركة استبداد الذئب وإنصاف الحمل ولو مرة واحدة "والحمل هنا هو المواطن المسكين "، والى تمثيل الحق العادل الذي يحكمنا جميعاً ليس في نوايانا المبيتة فقط وإنما في أعمالنا والى التفريق بين الأحمق والعاقل في السلطة وكفى تملقاً لمصالح شخصية ومنافع مالية خاصة …"و إن كُنتُ قد ظلمتُ أحداً بشيءٍ، فإنّي أرُدُّ لهُ أربعةَ أضعاف" إنجيل لوقا (١٠؛١٩).

نقولا أبو فيصل