· 

بين اللجاجة والالحاح في الطلب من الله والبشر


يشكك الكثير من المؤمنين من استجابة صلواتهم أو يملون من تكرار  طلباتهم من الرب لضعف محبتهم له ، ويبررون عدم اللجاجة في الصلاة بفلسفة عقلية تقول : أن الله يعرف كل شئ فلماذا التكرار ، اما المسيح فأنه اراد ان يظهر اهمية الالحاح في الصلاة امام الله ، لان هذا ينمي ايمان الإنسان ويظهر مدى محبته له ، على ان اللجاجة والإلحاح الشديدين في الايمان الذي أظهره بارتيماوس للحصول على الاستجابة فعلت فعلها فقد كانت صرخاته : "يا يسوع ابن داوود" تعلن إيمانه به أنه المسيح .


ومن الالحاح في الايمان الى الالحاح في الحياة غير المستحب في نظري حيث أن كثرة اللجاجة والإلحاح لشخص ما يزعج ويضايق ويضر بالعلاقة ، كما أن كثرة مضايقة احدهما للأخر تتسبب في أن يطفح الكيل كما يقول المثل في سلطنة عمان "من كثرة الصفع تعمى العين" ومن تجربة شخصية تعمدت اثناء تربية اولادي في طفولتهم عدم الالحاح عليهم كثيراً ، فربما الإلحاح يتعبهم ، وكنت اتركهم قليلاً لبعض الوقت علهم يعيدون حساباتهم ويوافقون...وفي نقاش مع صديق لجوج فوق العادة يقول "تعلمت ان لا  اتوقف عن طلب الدعاء لعل في لحظة مناجاة الله تحلّ محبته فتغمر القلب تباشير الفرح والحدس لا يمكن أن يأتي من العدم، هناك شيئ ما يقف خلف ذلك الإلحاح المفرط "، يضيف هذا الصديق اللجوج :"في الاخير تجذبني الطريقة التي يلتئم بها جرح الإنسان والإلحاح الذي يتحول بمرور الوقت إلى صمت لا يشبه الرضى ولا يشبه الرفض ، نصمت كما لو أننا نذرنا على  أنفسنا ألا نعبر عن شيء قبل أن نرحل "


 ولكنني لم اوافق صديقي اللجوج في  رأيه واسترجعت له احداثاً  عن عدم اقتناعي بالالحاح ، وأخبرته قصة من التاريخ وهي أنه ربما لم يندم انسان على الإلحاح كما ندمت زبيدة زوجة هارون الرشيد فقد تحدت زوجها يوماً في أمر وغلبته فألحت عليه أن ينام ليلته تلك مع أقبح جارية عنده فقدر أن تحمل جاريته بالمأمون ، وألحت عليه فيما بعد أن يجعل ابنها الأمين ولياً لعهده بدلا من المأمون فلما صار خليفة حاربه المأمون وقتله ، فكانت تقول قاتل الله اللجاجة والإلحاح ، لأن إلحاحها أدى في الأخير لقتل ابنها …ومع قول الامام علي بن ابي طالب أختم "قد تورث اللجاجة ما ليس للمرء إليه حاجة" .

نقولا ابو فيصل