· 

كراهية الابناء للاهل … وقصة نبيلة

 

‎من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا اكتب” جزء ٤ 


‎اسئلة كثيرة تراود عقل نبيلة وتفكيرها منها : هل أهلي هم أعدائي في الخفاء أم أنا مخطئة؟ وفي لحظة إعتقادها أن أهلها هم أول أعدائها صرخت تقول : اللهم أكفني شر أهلي ، أما اعدائي فأنا كفيلة بهم" تضيف : أهلي أصبحوا أعدائي! ... ومشكلتي أن أقرب الناس صاروا غرباء عني فمنذ صغري وأنا أقاسي الألم والكره، ولطالما حاولوا اقصائي عن العائلة بشتى الطرق ، لسنوات طويلة عشت مع عمي في الولايات المتحدة الاميركية، فكان لي اباً وصديقاً. وابتعادي عن اهلي جعلني فتاة عنيدة الطبع، متمردة على الاهل، حتى صرت أكرههم وأحقد عليهم، وصرت أعتقد أن ما أفعله هو الصواب ، وضقت ذرعاً من كثرة تدخلهم في كل تفاصيل حياتي ، وغالباً ما كنت اقابلهم بوقاحة وربما بفجور، وأوجه لوالدي كلاماً قاسيا ًوجارحاً خارجاً من قلب أسود حاقد ! لكن ما هو أكثر  غرابة أن أخواتي شرعوا يبادلونني الحسد والغيرة ايضاً 


‎تتابع نبيلة :"أنا فتاة طموحة أريد أن أهتمّ بمستقبلي ، ولكن مُشكلتي مع أهلي: أمي وأبي هي قديمة ، فمنذ طفولتي وما يزال الكلامُ الجارِحُ والإهانة وسيلةً لتأديبي، مع مراقبتي لمُجتمعي وملاحظتي اهتمام الاهل  وعنايتهم بإحتضان اولادهم وأنا إنسانة أحتاج إلى الشعور والاحساس بانني فتاة مَحبوبة عندهم ، أهلي لا يعرفون حتى مجاملتي ، والآن أنا كبرت وبكل صراحة صرت  أخجل من تصرفاتي معهم ، نفسيتي تَغيَّرت، وهذا يُحزنني، كنتُ فتاة حسَّاسة عطوفة، لكن الآن أحس أن في داخلي أبنة شريرة تكْره أمها وأباها كرهًا شديدًا، لساني دائمًا لا يرحمهم لأنَّهما كانا ولا يزالان هكذا معي ،لست متأكدة من مشكلتي معهما، حيث أن كل فرد  منهما يرى نفسه الأحسن ، أستغرب كيف صرت غير مهذبة بالاجابة على كلامهم لي ! ، لكن والله هذه لست أنا وخوفي كبير من عقاب السماء عن كل شيء، ليتهما يقدمان لي فرصة لأتقرّب منهما ، أنا أعرف السبب: ان أمي وأبي يكرهان بعضهما بعضاً، وهذا انعكس علينا، لكن هذا الوَضْع لا استطيع ان أتحمّله، أنا صِرت إنسانةً عصبيةً لا  تقوى على تحمل أي شيء.(انتهت قصة نبيلة) 


‎وتعد كراهية الابناء لاهلهم من الأزمات النفسية الخانقة والمزمنة التي تؤثر بشكل واضح على السلوك والشخصية وإن كان كره الابناء للأمّ والاب بحد ذاته ليس اضطراباً نفسياً او مرضاً ، إلا أنه قد يتسبب بالعديد من المشاكل والاضطرابات النفسية، ويعتقد علماء النفس أن انكسار الرابط العاطفي بين الأم والاب واولادهما يشكّل ضغطاً كبيراً على الأبناء والاهل معاً،  وقد يقود الى القلق والاكتئاب عند الاولاد والى تأثيرات سلبية كثيرة على العلاقات الأسرية في المستقبل بالإضافة إلى الأسباب الشائعة من القسوة والظلم وسوء المعاملة، كما يُرجع علماء النفس كره الابناء للاهل إلى تضخيم الأخطاء التي قد يرتكبها الاهل في تربية أبنائهم أو في حياتها الخاصة، والنظر إليها بمنظار مختلف يجعلها أكثر تأثيراً على حياة الاولاد .

‎نقولا أبو فيصل ✍️