· 

بين نشر الثقافة والتأسيس للمعرفة وعذابات شعب لا يموت … خطوات



‎ أصبحت ⁧‫المعرفة‬⁩ في لبنان هذه الايام تقدم على شكل ⁧‫وجبات سريعة ‬⁩يتهافت عليها اللبنانيون ، وصارت ⁧‫المفاهيم‬⁩ الفكرية والثقافية تقدم بشروحات مجتزأة غير دقيقة هدفها نشر ثقافة غريبة لا تؤسس لبناء مواطن مثقف ، ولست اتحدث عن مواطن يحمل شهادات ويقال عنه متعلم ! وقد يكون نشر الثقافة اولى من محاولة الوصول للمعرفة مباشرة فالثقافة هي خطوة للمعرفة ، وبعد حيرتي لما حل بنا وأخذ المشورة من أساتذتي علمت ان ما يحدث في هذه الايام من انهيار اخلاقي بالتزامن مع الانهيار المالي والاقتصادي هو بسبب هجرة العديد من النخب الثقافية والعلمية من أهل العلم والاختصاص بعد إقصائهم عن تولي زِمام الامور وادارة البلاد والعباد في جمهورية الموز اللبنانية. ولعل مِن أقسى صور عذاب اللبنانيين هذه الايام ايضاً تكرار المَشهد المقرف يومياً مع نفس الوجوه التلفزيونية ونفس الاخبار والمطالب والاوجاع ، ونفس المسلسلات المدبلجة والتي لا تشبه ثقافة المجتمع اللبناني ، كذلك نفس مضمون التصريحات السياسية عن وعود وعن اشياء تافهة عديمة القيمة، وفيما المتحدثون مُقتنعون أن حقوق طائفتهم ينبغي أن تكون هكذا ، أقول لهم من جهتي مبروك عليكم الكراسي والطائفة والدين ، فالمواطن بات لا يستطيع تحمل هذا ولا التأقلم مع ذلك،هذا هو الجحيم بحد ذاته.

واذ صرنا نردد مع الامام علي بن أبي طالب "مغبون من تساوى يوماه "فالسؤال هو : أي نوعٍ مِن الحياة هذا عندما يصل المواطن اللبناني ليتعجب مِن عَدم قُدرته على التمييز بين يوم أمس ويوم غَد؟ …نعم هذا واقع أصبح يعيشه الشعب في "قطاع لبنان" للأسف الشديد على غرار ما يعيشه الشعب في قطاع غزة ، وهل مستقبلنا بات ضاحية فقيرة في الشمال ؟ لذا فالمطلوب من المواطن اللبناني اليوم أن يجد نفسه وأن يبحث عن الله في حياته وعن قدرة التحمل لديه ، واذا كان زج اللبنانيين في أوضاع معيشية صعبة ونمط معيشة لا ينتمي إليه هذا الشعب بعد أن تم تجريده من كل شيء وتحويله إلى رقم، لكنه في القريب سوف يشعر أنه عاد يستعيد أبسط الأشياء التي كان يملكها وأن الأقدار عادت لتبتسم له وعادت الحياة في خلاياه ، وعندما سوف يكتشف ويعي معنى ان الله معه وهو موجود في حياته وبالمناسبة فأن تفاؤلي الدائم لم يكن يوماً تفاؤلًا دونكيشوتياً بل كان نتيجة الاتكال على الله وعليه فقط ! نقولا أبو فيصل

Write a comment

Comments: 0