· 

بين حكمة وجنون الحكام وذنوب وتعتير الشعوب


من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا اكتب” جزء ٤ 


على مدى ثلاثين سنة وانا اراقب عبادة رجال السياسة للكراسي في لبنان ولكنني لم اكن أقترب منهم كثيراً حتى لا أعض اصابع اليد يوماً ندماً على اضاعة الوقت معهم ، وكان ذلك جيداً  ووفر عليي عدم هدر الوقت والمال بصراحة كاملة ،  وقد عرفت في حياتي العديد من رجال سياسة احدهم بدا لي من النظرة الاولى مجنونًا لكنهُ حكيم‬⁩ وأخر  بدا لي حكيماً لكن سرعان ما اكتشفت انه مجنون ، وثالث بدا‬⁩ لي حكيمًا وتأكدت من ذلك ، كذلك عرفت رابعاً بدا لي مجنوناً وثبت ذلك ، فالسلطة تفضح العيوب واللائحة تطول ….كما أنني عشت طيلة حياتي مع أنسان مغامر جداً ، صعب المزاج كما كانوا يصفونه لي جمع في شخصيته بين الحكمة والجنون وبين الطيبة والتسامح في آن واحد وهو المتحدث اليكم ! 


‏في الحياة وفي لحظات معدودة يأخذ الانسان قرارات متسرعة قد تكلفه الكثير طيلة حياته ، وتلك اللحظات المحسومة التي تأتي مباغتة هي أخطر اللحظات المختارة في حياة الانسان  والتي تفصل بين الحكمة والجنون، بين الجد والهزل بين الغضب والمسامحة بين الحب والكراهية ، هي علاقة تفصل بين أمرين على النقيض دائماً ، وهكذا نجد بين الصمت والجنون لحظة ، ومن الحكمة الحفاظ دوماً على الاتزان كي لا يفقد الانسان السيطرة على قراراته ,كما أنه من الضروري أن يعتاد الانسان على المشورة في أمور حياته بدء من الامور البسيطة وصولاً الى المواقف الصعبة التي لا يكون لديه المتسع من الوقت  للتفكير فيها كثيراً.


وفيما اصبح الغلاء في لبنان جنونياً ، وحياة بعض ابناء هذا الوطن صارت جحيماً ! ويؤسفني أن يكون الحال قد وصل الى هذا الحد ،وفيما بات من الحكمة اطلاق سراح اربعة ملايين لبناني من سجنهم الكبير ووقف تأخير حصولهم على جوازات سفر بحجة معلنة وهي عدم رصد الاموال اللازمة لطباعتها بينما الحقيقة في مكان اخر وهي عدم السماح للبنانيين بالهروب من أيدي جلاديهم ، نعم هذا جنون !وصار الوقت لانهاء حفلة الجنون هذه والمستمرة منذ17 تشرين الاول 2019 وبوتيرة عالية , كذلك صار الوقت لمعرفة مصير اموال المودعين في المصارف اللبنانية ايضاً ، وأعادة النظر في المداخيل المتدنية لموظفي القطاع العام والخاص والقوى الامنية والجيش اللبناني ، فكيف يمكن لشعب لبنان الاستمرار في الصمود ؟ 

في دولة الظلم والفساد في وقت يتحور جنون العظمة وحُب الأنا كما الامراض الجرثومية في جسم سلطة فقدت بصرها وبصيرتها ، وتستمر في حكم البلاد منذ تسعينيات القرن الماضي بحيث أتت نتائج سياساتهم الاقتصادية كارثية ؟ والسؤال الكبير برسم المجتمع الدولي "ألا إتعظتم يا حكام المال والسياسة في لبنان"  ؟ ألا يزال هناك فرصة لإنقاذ ما تبقّى قبل سقوط الهيكل فوق الجميع وحفظ ماء وجهكم وكرامتكم اذا كان عندكم كرامة أصلاً !!! أم أن ذنبنا أننا شعب يعشق الحياة وهذا ذنب لا يغتفر؟

نقولا ابو فيصل ✍️