· 

طفلي تعرّض للتحرش... نصائح وإرشادات عمليّة للتعامل مع الأمر


في لبنان، من الصعب تحديد عدد الأطفال الذين تعرّضوا للتحرّش أو تقديم إحصائيات دقيقة بهذا الخصوص، بما أنّ عدم الإبلاغ عن حالات التحرّش بالأطفال، بسبب الشعور بالخزي والعار والخوف من الفضيحة، هو سيّد الموقف في هذه الحالات.


آخر الأرقام المتوفرة في هذا الملف يرقى إلى ما يزيد عن أربعة عشر عاماً إذ يعود للعام 2008، وقد ورد في دراسة ميدانية أجرتها منظمة "كفى عنفاً واستغلالاً"، بالتعاون مع "المجلس الأعلى للطفولة" في وزارة الشؤون الاجتماعية، وبتمويل من منظمة "غوث الأطفال السويدية".


لقد بيّنت تلك الدراسة أنّ 16.1 في المئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين ثمانية أعوام وأحد عشر عاماً، في مختلف المناطق اللبنانية، - علماً أنّ هذه النسبة لا تشمل إلّا الحالات التي تمّ الإفصاح عنها - قد تعرّضوا لنوع واحد على الأقلّ من أنواع التحرّش الجنسي. أي أنّ طفلاً من كل 6 أطفال في لبنان هو ضحية شكل من أشكال الإستغلال الجنسي.


هذا ما جرى تحديداً مع نبيل (إسم مستعار ) الذي وقع ضحية إبن خاله الذي يكبره سناً. لم يكن نبيل يفهم ما يحصل معه ولا حتى كيف يخبر والدته بالأمر لوضع حدّ لهذه الأمور التي تكرّرت مرّات عديدة. ونبيل هو واحد من أصل 34% من الضحايا الذكور الذين أشارت إليهم دراسة أجرتها وزارة العدل في العام 2003. إستندت هذه الدراسة إلى سجلات المحاكم والشكاوى، وحدّدت بأنّ الاعتداءات الجنسية تشكّل 58% من مجمل الانتهاكات بحقّ الأطفال، وأنّ التعديات على الإناث تمثل 66% من مجموع الاعتداءات، وتصل حصّة الأطفال الذكور إلى 34%. كما أنّ نسبة كبيرة من الأطفال المعتدى عليهم هم من ذوي الاحتياجات الخاصة، لا سيّما من يعانون من إعاقات عقلية، على اعتبار أنّ الضحية غير قادرة عموماً على الإفصاح عمّا تتعرّض له من انتهاكات.
 

ما هو التحرش؟

التحرّش أو الاعتداء الجنسي على الطفل\ة هو جريمة يعاقب عليها القانون، يتمثل باستخدام الطفل\ة لإشباع رغبات جسدية. ويشمل ذلك تعريض الضحية لأي نشاط أو سلوك جنسي من قبيل ملامستها أو حملها على ملامسة المُتحرّش جنسياً، إذ يشير قانون العقوبات اللبناني إلى أنّ جريمة التحرّش الجنسي تقتضي بأن يلجأ الجاني إلى استعمال وسائل معيّنة، أهمّها إصدار الأوامر أو التهديد أو الإكراه أو ممارسة الضغوط، بقصد إجبار الضحية على الاستجابة لرغبات جنسية.

وتوضح الدراسات أنّ التحرّش يتمّ عن طريق التودّد والترغيب، مثل الملاطفة وتقديم الهدايا، أو عن طريق الترهيب والتهديد والتخويف.

 

اتفاقيات.. وقوانين

أقرّ لبنان في كانون الأول 2021 قانون "تجريم التحرّش وتأهيل ضحاياه" الذي يحمي الضحايا، ويحمي المبلِّغين عن التحرّش، علماً أنّ لبنان قد وقّع على الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل التي نصّت في مادّتها رقم 19  على حقّ الطفل في الحماية من جميع أشكال العنف والضرر والإساءة البدنية والعقلية والنفسية أو الإهمال أو الاستغلال.

ويعتبر قانون العقوبات اللبناني أنّ أفعال التحرّش الجنسي بالأطفال وارتكاب الفحشاء أو الأفعال المنافية للحشمة ضدّهم، جرائم جزائية تستوجب الملاحقة والمساءلة والمعاقبة. فكل من أكره قاصراً لم يتمّ الخامسة عشرة من عمره، بالعنف والتهديد، على مكابدة أو إجراء فعل منافٍ للحشمة، عوقب بالأشغال الشاقة مدّة لا تنقص عن ست سنوات (المادة 507 عقوبات). ومن ارتكب بقاصر دون الخامسة عشرة من عمره فعلاً منافياً للحشمة أو حمله على ارتكابه، عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة، ولا تنقص العقوبة عن أربع سنوات إذا لم يتمّ الولد الثاني عشر من عمره (المادة 509 عقوبات). أمّا في حال كان الجاني من أصول المجني عليه أو أصهاره أو يمارس عليه سلطة شرعية، فالعقوبة بالأشغال الشاقة ترتفع إلى مدّة لا تزيد على عشر سنوات، في حال كان القاصر بين الـخامسة عشرة والثامنة عشرة من عمره (المادة 510 عقوبات). كما ترفع العقوبة إذا كان المجرم موظفاً أو رجل دين أو مدير مكتب استخدام أو عاملاً فيه، فارتكب الفعل مسيئاً استعمال السلطة أو التسهيلات التي يستمدّها من وظيفته (المادة 511 عقوبات). وتعاقب المادة 519 من قانون العقوبات كل من لمس أو داعب، بصورة منافية للحياء، قاصراً دون الخامسة عشرة من عمره، ذكراً  كان أو أنثى، أو امرأة أو فتاة لهما من العمر خمس عشرة سنة دون رضاهما، بالحبس مدّة لا تتجاوز الستة أشهر.

 

صعوبات
فور تقديم الشكوى، ينطلق التحقيق الإجتماعي الذي يقرّره قاضي الأحداث لتحديد ماهية الجرم المُرتكَب بحقّ الطفل وظروفه وأسبابه، واتخاذ التدابير الحمائية الملائمة بالتعاون مع  مساعد اجتماعي.

ويبقى العائق الأساسي أمام مكافحة ظاهرة التحرّش بالأطفال عدم التقدّم بإخبار لعدة أسباب: أوّلاً، عدم المعرفة بوجود تعدٍّ على القاصر أصلاً؛ ثانياً، جهل القانون وعدم معرفة أن حقّ التقدّم بإخبار ممنوح لكل شخص طبيعي أو معنوي، وجهل الأصول المتّبعة في هذه الحالة؛ ثالثاً، الأسباب الاجتماعية كالخوف من الفضيحة؛ رابعاً، الاعتقاد الخاطئ بأنّ العنف سيتوقف وبأنّ القاصر "سينسى"؛ خامساً، عدم وجود وعي اجتماعي كاف لتقدير حجم المخاطر. إضف إلى ذلك معضلة إثبات التحرّش الجنسي، فهناك صعوبة في إثبات التحرّش إذا اقتصر على الملامسة أو الكلام. كما أنّ مسألة الإثبات في جريمة التحرّش الجنسي تواجه عدّة إشكالات، إذ إنّ تصريحات المجني عليه لا تكفي لإقامة الدليل إن لم تكن هذه التصريحات مصحوبة بشهادة الشهود، تؤيّدها معاينات موضوعية، مثل معاينة الطبيب الشرعي المختص، وهو أمر يؤدّي، في أحيان كثيرة، إلى مضاعفة الآثار النفسية السلبية لدى المعتدى عليه.

ويحذر القيّمون على الجمعيّات الأهلية المعنيّة، كما الأخصائيون النفسيون، من إجراء أيّ نوع من التحقيقات، في المخفر مثلاً، دون حضور مندوب الأحداث، لأنّ التحقيقات يجب أن تأخذ مساراً محدّداً يضمن حماية الضحية، يبدأ بتبليغ "الاتحاد لحماية الأحداث" الذي يباشر بالإجراءات القانونية وبالمتابعة النفسية المناسبة.

واقع الحال

تعرّض مليار طفل تتراوح أعمارهم ما بين 12 و17 عاماً حول العالم لنوع من التحرّش، حسب منظمة الصحة العالمية. وفي قائمة العوامل المساعدة في مكافحة التحرّش بالأطفال،  توعية الطفل على خصوصية جسده من جهة، وتوعية الأسرة على دورها الرقابي من جهة أخرى .

وقد أظهرت الدراسة المذكورة أعلاه، إضافة لمجمل الدراسات على مستوى العالم، أنّ معظم حوادث التحرّش الجنسي تحصل في منزل الطفل، من قبل أحد أفراد العائلة (الأب أو الأخ) أو الأقارب أو أصدقاء العائلة، مبيّنةً أنه في غالبية الأحيان، يكون المعتدي شخصاً يعرفه الطفل ويثق به، وتعتبره العائلة من الأشخاص الآمنين بالنسبة إلى العلاقة مع أولادها. وفي الأرقام، 40% من حالات الإساءة الجنسية للأطفال تتمّ من قبل أطفال آخرين و90% من الحالات تحدث بين طرفين يعرفان بعضهما البعض، بينما 80% من حالات التحرّش الجنسي تحدث في المنازل، حسب علم النفس العيادي.

ولم تحسم الدراسات ارتباط تفشّي هذه الظاهرة بالأوضاع المادية للعائلات، إذ يتمّ رصد حالات التحرّش الجنسي في الأوساط الفقيرة كما الميسورة.

 

كيف أعرف أنّ طفلي تعرّض للتحرّش؟

إنّ الاعتداء الجنسي على الأطفال له انعكاسات كثيرة قد تعاني منها الضحية حتى آخر يوم في حياتها، كما وتؤثر على المجتمع ككل في حال لم تتمّ معالجة الضحية نفسياً وجسدياً، ومحاسبة الجاني.

تظهر  جملة عوارض على الطفل – الضحية تؤشّر إلى وجود تحرش جنسي يحاول الصغير أن يكتمه لكنه، رغم ذلك، يرسل بعض الإشارات في محاولة لإفهام من حوله أنه يعاني من أمر غير طبيعي. "من هذه الإشارات، الإنزواء وفقدان الشهية والحزن وآلام في البطن والبكاء المستمر" وفقاً للدكتور نيكول هاني المتخصّصة في علم النفس العيادي للطفل والكبار. من الإشارات أيضاً، ظهور اضطرابات النوم (النوم المتقطع أو الكوابيس أو عدم القدرة على النوم) وعضّ الأصبع، والتبوّل اللا إرادي، والخوف الشديد والقلق، وظهور مشكلات تعليمية في المدرسة، و التغيير المفاجئ وغير المبرّر في سلوك الطفل كأن يصبح عدوانياً أو انسحابياً ومنعزلاً وصامتاً، واهتزاز في العلاقة بينه وبين القائمين على رعايته، وفقدان الثقة بالراشدين، وخوفه من التقرّب الجسدي، ورفضه الخروج بمفرده، وضعف الثقة بالنفس وكذلك نوبات من الغضب، ورفض نوعيّة معيّنة من الناس، وتكرار كلمات بذيئة لا تتناسب مع سنه، وأخيراً وليس آخراً، بعض الأعراض الجسدية كصعوبة في المشي وعدم القدرة على الجلوس بسهولة وظهور بعض الأمراض التناسلية كالفطريات على سبيل المثال وليس الحصر.

في معظم الأحيان، قد يظن الأهل أنّ هذه الإشارات طبيعية أو لا تسترعي التدخّل. وذلك بالتحديد ما حصل مع ريم (إسم مستعار) التي لاحظت إنطواء طفلتها البالغة من العمر ست سنوات وفقدانها الشهية. "حتى الحلويات التي كنت أعرضها عليها كانت ترفضها بشكل عنيف" تقول ريم التي بدت بحيرة من أمرها. أخذت ريم طفلتها عند طبيب المستوصف الذي لم يجد أي حالة صحية خطيرة تعاني منها الطفلة، فنصحها بالترفيه عنها، وهذا ما فعلته. إلى أن اكتشفت أنّ طفلتها تعرّضت للتحرّش الجنسي مرّات عديدة من قبل شخص مقرّب جدّاً من العائلة، مما أثار  لديها شعوراً عارماً بالغضب والإستياء الكبير من نفسها بالدرجة الأولى. "لم أعرف ماذا يجب أن أفعل. هل أخبر والدها؟ قد يقتلها أو يقتل المتحرّش وفي ذلك جريمة إضافية". وتضيف ريم: "توجّهت إلى الطبيب الذي عالجها في المستوصف فأحالني بدوره الى إحدى الجمعيّات التي قدّمت لطفلتي العناية اللازمة."

 

للحؤول دون...

"الطفل، بعمر صغير، لا يعبّر بشكل جيّد عما يعاني منه، أو يخشى ذلك" تقول د. نيكول هاني. كأهل، من المهم أن نحاول التحدّث معه وإعطاءه الثقة اللازمة والأمان للتحدّث بحرية وعفوية عما يحصل معه، وذلك في موازاة المراقبة غير المباشرة لسلوكه وما يتابعه مثلاً على شبكة الانترنت. أضف إلى ذلك، عدم ترك الأطفال مع الغرباء وتعليمهم الثقة بالنفس والشجاعة، إذ أنّ تنشئة الطفل على الجرأة عامل مهم للدفاع عن نفسه في أي موقف. من الجيدّ أيضاً "تدريب" الأطفال على بعض الأمور لحماية أنفسهم كالصراخ في حال الإحساس بالخطر، والهروب بأقصى سرعة وإخبار شخص موثوق به بما تعرّضوا له. وأخيراً، تنبيههم إلى عدم الذهاب الى أماكن خالية والانفراد مع شخص ما، بل البقاء وسط تجمّعات.

بالإمكان القيام بهذه التمارين بشكل طريف ومحبّب كي لا نثير لدى الطفل الشكّ والارتياب بشكل دائم وهَوَسي. "وعلى الأهل تقع مسؤولية الإحاطة بالطفل وعدم تركه وحده، خصوصاً فيظل الأوضاع والأزمات التي يعيشها لبنان، لأنّ الوقاية تبقى دائماً خيراً من ألف علاج."

لا يلقي جهاد 25 عاماً – وهو إسم مستعار لضحية تحرّش جنسي - باللوم على أهله، لكنه كان يفضّل لو تمّت معالجة مشكلته فور وقوعها، وذلك بهدف تجنّب المشاعر السلبية التي عانى منها منذ كان طفلاً بعد تعرّضه للتحرّش من قبل الجار الذي يقطن في الشقة المقابلة لمنزل العائلة والذي كان مصدر ثقة للجميع. إنّ قرب المتحرّش من العائلة جعل جهاد يخاف من أن لا يصدّقه أحد في حال كشف النقاب عن الممارسات التي يتعرّض لها. انتظر حتى أصبح راشداً ليلجأ  إلى معالج نفسي. وهو يعتبر أن حالته خير تعبير عن أنّ انعدام البيئة العائلية الآمنة يغرق الطفل-الضحية في دوّامة من الخوف تحول دون إفصاحه عمّا يتعرّض له من انتهاك لجسده ونفسيته.

 

كيف نتصرف عند حدوث المشكلة؟

يفيد الأخصّائيون بأنه، بعد التأكد من أنّ الطفل تعرّض لاعتداء جنسي، يجب إبعاده عن المحيط الذي يعرّضه للخطر، علماً أنّ أيّ طفل تعرّض لهذا النوع من الاعتداءات، يحتاج إلى سنتين على الأقلّ للشفاء، وذلك إذا خضع لمتابعة مكثفة. وطريقة العلاج تختلف وفق الفئة العمرية التي ينتمي إليها الطفل، والعمل يجب أن يتمّ مع الأسرة ككل، ولا يتمّ إبعاد الطفل عن أسرته إلّا في حال وجود خطر على حياته من قبل الأسرة.

الهدوء وعدم الانفعال مهمّان لأنّ الطفل يكون في حالة من الخوف والتوتر ويجب تجنّب ردود الفعل المبالغ فيها وإلقاء اللوم على الطفل-الضحية. لذلك، فإنّ الإصغاء بشكل جيّد وهادىء للطفل وهو يروي تفاصيل ما حدث معه يساعد على الحصول على معلومات كافية للوقوف على الوضع الحقيقي للحالة، كما يساعد الطفل على التخلّص من المشاعر السلبية المكتومة. لذلك من المهم تهدئة الطفل وإفهامه أننا، كأهل، نقدّر ما يمرّ به وسنعمل على معالجة الأمر. وفي حال وجود شكوك بإصابة الطفل بجروح، من المهم التوجّه إلى طبيب العائلة ليقدّم العلاج المناسب. كما "يجب التوجّه إلى المعالج النفسي العيادي الذي يقوم ببعض الاختبارات أو الفحوص النفسية ليعرف ما هو سبب القلق والخوف عند الطفل، ومن بعدها يستدعي الأهل ويوجّههم لأنه، وفي معظم الحالات، قد يعاني الطفل من الصدمة، ومن المهم متابعة الحالة منذ الصغر بهدف تجنّب تعقيدات لاحقة" كما تقول المعالجة النفسية د. هاني.

ويشير المعالج النفسي والأستاذ الجامعي د. أنطوان الشرتوني إلى أنّ "الأمور تعتمد بالدرجة الأولى على سنّ الطفل. حسب العمر يجب التخفيف من الشعور بالقلق لدى الطفل والشرح أنّ ما جرى معه، وإن كان ليس بالطبيعي، إلّا أنه ليس بالضروري أن يعني أنّ "كل الناس" أشرار ويعمدون إلى الإيذاء، وذلك حتى لو كان الطفل بعمر صغير. ثمّ ندرس علاقته بوالدته و/أو بوالده من خلال اختبارات كلينيكة، ونحدّد سبب المشكلة ولما حدث الأمر. ولكنّ الأهم تقديم التوعية والتوجيه من خلال التربية الجنسية "الاحترازية" كأن نفسرّ للطفل الخطوات التي تحميه إلى حدٍّ ما."

وفي موازاة المسار العلاجي الواجب سلوكه، يجب اتخاذ جملة إجراءات قانونية وقضائية. للأسف، لم تتقدّم ريم، والدة الطفلة التي تعرّضت للتحرّش الجنسيّ، أو والد الطفلة، بشكوى قضائية ضدّ المتحرّش وذلك خوفاً من الفضيحة. لكن، من الناحية القانونية، من المهم إبلاغ الشرطة وإبعاد الطفل عن المتحرّش. وفي حال كان من الأقرباء أو حتى من الأهل، يجب قطع العلاقة معه فوراً.

"نتلقّى شهرياً عدداً كبيراً من الاتصالات من عائلات للإبلاغ عن حالة تحرّش جنسي"، تقول السيدة أميرة سكر من "الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان". "عند تلقّي الشكوى، نقوم بتقييمها وتحويلها للقضاء، ونحوّل الطفل إلى الجمعيّات التي تقدّم الدعم النفسي للتخفيف من آثار الصدمة. وهذه الجمعيّات تتابع الحالة وتقدّم الدعم النفسي والدعم الاجتماعي." "الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان" يوفّر خطاً ساخناً على مدار الساعة وكل أيام الأسبوع على رقم الهاتف 79.115350.

من الجمعيّات التي تقدّم الدعم النفسي والمعنوي المطلوب توفيره في هذه الحالات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، جمعيّة "حماية" التي تعمل على حماية الأطفال من العنف والاستغلال الجنسي على جميع الأراضي اللبنانية، ومن الممكن الاتصال بالقيّمين عليها على رقم الطوارىء 03.414964.

وتقدّم جمعية "أبعاد" الدعم النفسي ومراكز إيواء (بموجب إشارة قضائية)، ويمكن الإتصال بها على الرقم 81.788178 . وتقول السيدة جيهان سعيد من جمعيّة "أبعاد" أنه، وبموجب القانون، "نقوم بالتبليغ، وفي حال حدوث التحرّش داخل المنزل، يتخذ القاضي القرار المنسب. وفي حال كان الخطر من خارج المنزل، نقوم بالمتابعة النفسية والدعم والتوعية للأهل بشكل خاص، ليتفهّموا تصرّفات الطفل. وفي حال شاركنا من هو دون الثامنة عشر عاماً بمعلومة حول حالة تحرّش أو إساءة جنسية، نقوم بالتواصل مع راشد أو مع الجهات الأمنية لتقديم الحماية اللازمة. وبعد تقييم الوضع، نضع خطة تدخل وسلامة، كأن نعطي إرشادات ومعلومات تساعد الطفل على تجنب المتحرّش، فمثلاً، من تتعرّض للمضايقة وهي متّجهة إلى المدرسة، نشجّعها على تغيير الطريق التي تسكلها أو عدم الذهاب الى المدرسة بمفردها، وذلك من ضمن خطة تشمل خطوات عملية وتوعوية."

أما السيدة أمل فرحات من "بيت الطفل اللبناني" فتشير إلى أنّ الجمعيّة تقدّم المساعدة في مركز نهاري متاح بعد الدوام المدرسي، تتمّ فيه المتابعة النفسية والاجتماعية وتُقدَّم فيه المساعدة للأهل. وبالإمكان الإتصال بالجمعيّة على الرقم 01.485066. "إنّ جلسات الدعم النفسي والاجتماعي تساعد على إعادة الثقة وهي عبارة عن 8 إلى 9 جلسات تساهم في اكتساب مهارات حياتية وتقبّل الجسم من خلال التربية الجنسية وتخطي الوضع. ومن الممكن كذلك تقديم متابعة نفسية فردية في حال تطلّبت الحالة ذلك."

 كما تعمل منظمة "كرامة" على دعم سلامة الطفل وصحته وحمايته إضافة لتقديم الرعاية اللازمة لضحايا الإساءات الجنسية فور التواصل معها على الرقم 81.131415.

 

يؤدّي تجاهل مسألة تعرّض الطفل للتحرّش أو تأجيل التعاطي معها بالأساليب القانونية والعلاجية الناجعة أو التلطّي وراء الخوف من "وصمة العار" لأخطار نفسية واجتماعية قد تفوق تداعياتها جريمة التحرّش بحدّ ذاتها، فاقتضى التنبيه إلى المواجهة بالوقاية أوّلاً، والتشجيع على المواجهة بالقانون وبالعلاج دائماً.

وهنا تجدون رابط لعناوين وأرقام هواتف جمعيّات أهليّة تتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية في لبنان لمواجهة واقع التحرّش بالأطفال.