بين الخير والشر والرحمة والغفران

تعبيرية
تعبيرية



لو قرر كل انسان من سكان العالم منذ بداية التاريخ أن يعيش بسلام و يلجم الشر والأذى في داخله لكانت البشرية عاشت بهناء، لكن هذا في جمهورية أفلاطون المثالية ، أما في الواقع فأنه منذ أن دبّت الحياة على هذه الأرض والخير والشر متلازمان حتى داخل الروح الواحدة ، وأجمل توصيف للحقد جاء به "نيتشه" في رائعته "هكذا تكلم زرادشت " :" إنه لا ينبغي على الإنسان العارف أن يحب أعداءه فحسب بل عليه أيضاً أن يكون قادراً على كره أصدقائه " ! يضيف  "نيتشه" في كتابه: "بعض الناس لا يحقُّ لك أن تمدَّ يدك إليهم بل كفَّ الوحش وأريد أن تكون لكفك مخالبُ أيضاً "


على أن طريق الفردوس يكمن من خلال الغفران والمسامحة لكلّ الذين أساءوا إلينا، تمامًا مثلما حصلنا على الخلاص عن طريق حبّ الآب وغفرانه لنا، وتماما كما قال القديس فرنسيس الاسيزي "بأن الغفران يوصلكم جميعًا إلى الفردوس” نعم في ذاكرة كلٍّ منا حتماً كلمات القديس يوحنا بولس الثاني الذي قايض الغفران بالإهانات التي وجهت إليه في لحظة مقابل ابتسامة كما حدث أنه فشل في السيطرة على مشاعره المتدفقة وبادر إلى عناق الذي أساء إليه قائلًا والدموع تسيل من عينيه "حقك علّي، أنا الغلطان "!! 


ولكن هل يقبل الله بالغفران للذين يعترفون بأخطائهم ويرغبون بالعودة؟ واذا كانت الاجابة عند الله وليست عند البشر فأن المشكلة تولد عندما لا نعامل إخوتنا وأخواتنا الذين أساءوا إلينا بالغفران نفسه الذي منحنا إياه الله ، فعندما نكون مديونين للآخرين نتوقّع أن يرحمونا إنما عندما يكون الآخرون مديونين لنا نطالب بالعدالة! واذا كان يسوع طلب من بطرس أن يغفر “ليس سبع مرات بل سبعين مرة سبع مرات” فأنه يتوجب علينا ان نكون واثقين بمحبة الآب لنا عوض البحث عن العدالة ولنتذكّر دائمًا كلام الرب يسوع: “فهكذا أبي السماوي يفعل بكم إن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاّته”. نعم اصدقائي العالم صار بحاجة إلى الغفران رغم سعي حكام دول ومنظمات عالمية وأشخاص الى زرع الشر في العالم وتغذية الاحقاد لأن عجزهم عن الغفران جعلهم يدمّرون حياتهم وحياة الآخرين معهم عوضاً عن ترسيخ قواعد السلام والأمان في العالم .

نقولا ابو فيصل ✍️