· 

برنامج توجيهي للمنتجين وآخر لتمويل مشاريع أفلام

القطاع السمعي البصري في لبنان يعاني، إضافة إلى الظروف الراهنة، من غياب السياسات الملائمة والملحة  لدعم قطاع الصناعات الإبداعية عموما وصناعة الصورة خصوصاً
القطاع السمعي البصري في لبنان يعاني، إضافة إلى الظروف الراهنة، من غياب السياسات الملائمة والملحة  لدعم قطاع الصناعات الإبداعية عموما وصناعة الصورة خصوصاً

أطلقت "مؤسسة سينما لبنان" مبادرة بتمويل من الاتحاد الأوروبي تهدف إلى إحياء الإنتاج السينمائي اللبناني رغم الأزمات المتعددة التي يشهدها لبنان، وتشمل هذه المبادرة شقّين، أولهما برنامج توجيهي وتدريبي ينطلق في حزيران الجاري لتعزيز قدرات المنتجين اللبنانيين ليتمكنوا من إنجاح مشاريعهم، والثاني صندوق يوفّر الدعم المالي لعدد من مشاريع الأفلام، يُفتح باب تقديم الطلبات له في تشرين الثاني المقبل.

 

مؤسسة سينما لبنان

 

وقالت رئيسة "مؤسسة سينما لبنان" مايا دو فريج إن الجمعية التي "تعمل منذ العام 2003 على دعم صناعة السينما اللبنانية والارتقاء بها إلى مستوى دولي"، تسعى حالياً "إلى الحفاظ على  القدرات الخلاّقة الثمينة للسينمائيين اللبنانيين الموهوبين، من خلال تنمية رغبتهم في مواصلة الإبداع وتوفير الإمكانات لهم لتحقيق ذلك، بهدف إنعاش صناعة السينما المزدهرة". ورأت أن "من الضروري بالتالي اليوم أكثر من أي وقت مضى، وخصوصاً في ظل الأزمة غير المسبوقة،  إعادة إطلاق اقتصاد إبداعي جديد  لتمهيد الطريق أمام هذه الصناعة الإستراتيجية وتشجيعها، كونها أحد المقومات الرئيسية التي تمكّن لبنان من أن يكون حاضراً بالصورة اللازمة في الحلقات التجارية والمالية للعولمة".

وأوضحت أن  المؤسسة "كيّفت نشاط الدعم الفني  الذي توفره مع الوضع  الراهن من خلال ورش العمل ومبادرات أخرى بالتعاون مع شركائها وجهات أخرى مؤثرة، سعياً إلى مواجهة الصعوبات القائمة بفاعلية وكفاءة وتلبية الاحتياجات على المدى القصير".

ولاحظت من جهة أخرى  أن "القطاع السمعي البصري في لبنان يعاني، إضافة إلى الظروف الراهنة، من غياب السياسات الملائمة والملحة  لدعم قطاع الصناعات الإبداعية عموما وصناعة الصورة خصوصاً"، ورأت أن "الإطار التشريعي والتنظيمي لم يشجع الإنتاج والإبداع  بل يعيق تطورهما احياناً".

برنامج توجيه للمنتجين

 

ويتمثل الشقّ الأول من المبادرة التي أطلقتها الأربعاء "مؤسسة سينما لبنان" والممولة من الاتحاد الأوروبي في توفير برنامج تدريبي وتوجيهي مجاني بالتعاون مع كل من المدرسة العليا للأعمال (ESA Business School)  ومسرّعة الأعمال Smart ESA، "لمنتجين سينمائيين وإعلاميين أنتجوا افلاماً أو أعمالاً سمعية بصرية اخرى،  ويرغبون في تطوير مهاراتهم في ريادة الأعمال بغية توفير ظروف النجاح لمشاريعهم"، على ما شرح بيان للجمعية. 

 

ونقل البيان عن مدير Smart ESA سليم ياسمين قوله إن "البرنامج ينطلق من نقاط التشابه بين إنتاج الأفلام وريادة الأعمال، ويهدف إلى تزويد المنتجين الأدوات المناسبة، المالية منها والقانونية والسلوكية والتسويقية والتجارية، لتطوير مشاريع أفلامهم وإنجازها وتأمين عرضها".

وذكّر بأن مسرّعة الأعمال Smart ESA "تعمل على تحويل المبتكرين رواد أعمال من خلال توفير الأدوات التي تمكّنهم من إدارة مشاريعهم وتحقيق النجاح الثابت". واشار إلى أن المسرّعة "خرّجت أكثر من 40 شركة ناشئة وأكثر من 50 مشروعاً من خلال أكثر من عشرة برامج".

 

واختير خمسة منتجين للمشاركة في البرنامج التوجيهي والتدريبي  الذي يستمر أربعة أشهر،  إذ يبدأ في حزيران الجاري ويختتم في تشرين الاول  المقبل. وهؤلاء المنتجون يعملون حاليا على مشاريع أفلام طويلة وهم روزي الحاج عن مشروع فيلم روائي "الطريق إلى دمشق" للمخرج ميدو طه، وكريستيل يونس (منتجة فيلم "عَ أمل تجي" الذي شارك في مهرجان برلين السينمائي عام ٢٠٢١) عن مشروع فيلم روائي The Sad Life of Happy Pig  للمخرجة كريستي وهيبي، وغابي زرازير عن مشروع فيلم روائي The Fifteen الذي ينوي إخراجه مع شقيقه ميشال زرازير (وهما أنتجا وأخرجا عدداً من الأفلام القصيرة من بينها  Sous les soutanes الذي اشترته محطة  Canal+)، وسيمون سويد عن مشروع فيلم وثائقي طويل ينوي إنتاجه وإخراجه Sursock, an Everlasting Heritage  ، ونيقولا خباز عن مشروع الفيلم الطويل الروائي الأول لمانون نمّور Don’t Worry I’m not Okay ، علماً أن من أفلام نمّور القصيرة سبق أن شاركت في مهرجاني لوكارنو وتورونتو العالميين. 

 

ويتولى توجيه المشاركين عدد من المتخصصين، من أبرزهم المنتجة الفرنسية غابرييل دومون من شركة (Le Bureau Films)  ووكيل المبيعات الفرنسي هادي زردي(Lux Box)  والمحامية المتخصصة بقضايا الترفيه كريستيل سالم، إلى جانب مدربين من المدرسة العليا للأعمال.

 

ولاحظت المشرفة على البرنامج المنتجة اللبنانية ميريام ساسين (منتجة "بانوبتيك" للمخرجة رنا عيد، و "١٩٨٢" لوليد مونس و"كوستا برافا" لمونيه عقل) أن "صناعة السينما اللبنانية،  رغم النجاحات الكبيرة التي حققتها ، لم تسلم يا للأسف من الازمات، إذ تأثر الانتاج السينمائي  بشكل كبير، وعانى نقصاً في الموارد المالية، وتأخُر مواعيد التصوير، وتأجيل عروض الأفلام، وكل ذلك أدى إلى خسائر كبيرة تحملْها العاملون في هذا القطاع، وأدت إلى نزف في المواهب العاملة فى هذا المجال  التي تركت لبنان بحثاً عن آفاق جديدة".

وأضافت: "من المؤسف حقاً أن إنتاج افلام سينمائية بات أكثر فأكثر صعوبة في المشهد اللبناني الحالي مع أن لبنان ينتج أفلاماً عالية الجودة ولديه مخرجون ممتازون ومحترفون يبدعون في كل أنحاء العالم". وتابعت: "من هنا تنبع أهمية هذه المبادرة، إذ هي تساهم في تدريب المنتجين القادرين على إنتاج أفلام لأكثر من مخرج، وتتيح لهم من جهة ثانية أن يستفيدوا من خبرات المرشدين، مما يعود بالفائدة على المشاريع التي يعملون عليها حالياً وتلك التي سيعملون عليها مستقبلاً".   

 

ويحصل المشاركون الخمسة في ختام البرنامج التوجيهي على شهادة من Smart ESA و"مؤسسة سينما لبنان". وسوف ينال أحد المنتجين المشاركين جائزة قدرها خمسة آلاف يورو مخصصة لتطوير المشروع الذي يحمله. كذلك تتاح للمشاركين الإفادة من عشر ساعات من الاستشارات الفردية.

 

صندوق لدعم الأفلام

 

أما الشق الثاني من مبادرة "مؤسسة سينما لبنان" فهو إطلاق صندوق لمرة واحدة استثنائية لدعم مشاريع الأفلام الطويلة اللبنانية، ممول من الاتحاد الأوروبي أيضاً،  تبلغ قيمته الإجمالية 75 ألف يورو ويهدف إلى توفير جزء من التمويل لأفلام تحتاج إلى دعم  لاستكمال تنفيذها.

وسيفتح باب تقديم الطلبات اعتباراً من تشرين الثاني  للأفلام الروائية والوثائقية التي بلغت مرحلة الإنتاج وما بعد الإنتاج. وتتولى لجنة مستقلة اختيار المشاريع التي ستستفيد من الدعم، على أن يتم الإعلان عن مزيد من المعلومات حول هذا الصندوق في تشرين الثاني المقبل.