بين الحق والواجب … والوطن المزرعة


من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا اكتب” جزء ٤ 


الحق في الحياة هو مصلحة معترف بها ومحمية بأحكام قانونية ويجب أن يكون في المصلحة منفعة حتى يتشكّل فيها الحق ولا يكون الحق حقاً قانونياً إلّا إذا كان قابلاً للتنفيذ قضائياً، الأمر الذي يجعل من الواجب احترامه ، وفي هذا السياق قال سماحة الأمام المغيب موسى الصدر " الوطن حق وواجب والحق دون واجب هو صفة للمزرعة ، والواجب دون حق هو استعمار وكلا الأمرين مرفوض" وفي الحقوق والواجبات نقر أن تسبيح الله وتمجيده هو حق وواجب كما تعلمنا في الكتاب المقدس وكما نمارسه بالصلاة ، كما أنه من الحق والواجب ايضاً ان نتسلح بالايمان والصمود في هذه الارض وأن نعمل جاهدين لغرس روح المقاومة في نفوس ابنائنا وأن نكون أقوياء في وجه المحاولات الجادة لتفريغ البلاد من اهلها ، وللحقوق أشكال عديدة منها ما هو طبيعي مثال الحق في الحياة الذي لا يمكن لأحد أنّ يسلبه منك وهو حق طبيعي لك كونك أنسان يحيا على أرض هذا الوطن ، ومنها ما هو وضعي وهو متغيّر عبر التاريخ ويتبع للقوانين والأعراف التي تسود في كل مكان وزمان


والحق هو نقيض الباطل وقد اختلف الفقهاء في وضع تعريفٍ واحدٍ للحق، وذلك لكثرة الحقوق وتنوّعها فكان من الصعب عليهم الاجتماع على رأيٍ واحدٍ حتى إنّ بعضهم أنكر فكرة الحق بذاتها باعتباره ميزة أو سلطة للشخص يعترف بها القانون ، بينما يتجه البعض الآخر إلى إثبات فكرة الحق عبر تقسيم الحقوق إلى انواع عديدة منها الحقوق السياسية التي تُمنح للشخص وتمكنه من المشاركة في إدارة الدولة مثل حق الانتخاب، وحق الترشح في المجالس النيابية والمحلية، وحقّ تولي الوظائف العامة في الدولة، وهناك الحقوق الشخصية التي تعطى للشخص كونه أنساناً  بغض النظر عن جنسيته، سواءً كان من مواطني الدولة أو كان أجنبيّاً، وهذه الحقوق ضرورية للمحافظة على كيان الإنسان المعنوي وبدونها لا يكون الإنسان آمناً على حياته ومنها الحق في الحياة، والحق في السلامة الجسدية ، اضف اليها حقوق الأسرة التي تثبت للفرد بأعتباره عضواً فيها وهذه الحقوق تتطلب من حاملها تقديم الواجبات ايضاً مثل حقوق وواجبات الازواج وحقوق الابناء وواجبات الاباء في التربية والتعليم والنفقة عليهم وغيرها من الحقوق التي لا مجال لتعدادها هنا ..


أما الواجبات فهي متعددة فهناك الواجبات الأخلاقية والواجبات الاجتماعية، فالاولى توجب على الشخص احترام الآخرين ومساعدة المحتاجين وغيرها من الامور التي تنطلق من الذات البشرية والضمير الساكن داخلها، أما بالنسبة للواجبات الاجتماعية فهي مجموعة من القواعد والقوانين والأعراف السائدة في المجتمع التي توجب على الانسان اتباعها ويجب أن تكون الزامية ومن الضروري أن يلتزم الشخص بها لمنع فساد المجتمع ، وفي الاخير ارى أنه لا بد من سيادة القانون في لبنان مدخلاً لسيادة مبدأ الحق والواجب ولتفادي الاستمرار في انتشار الظلم ولضمان تحقيق العدالة وبالتالي إكرام الإنسانيّة والحفاظ على أبهى صورها، وذلك من خلال التزام الأشخاص بتأدية واجباتهم وكذلك التوعية التامة حول حقوقهم.

نقولا ابو فيصل ✍️